قوله تعالى: (فلما كشفنا عنه ضره مر) فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: أعرض عن الدعاء، قاله مقاتل. والثاني: مر في العافية على ما كان عليه قبل أن يبتلى، ولم يتعظ بما يناله، قاله الزجاج: والثالث: مر طاغيا على ترك الشكر.
قوله تعالى: (كأن لم يدعنا) قال الزجاج: (كأن) هذه مخففة من الثقيلة، المعنى: كأنه لم يدعنا، قالت الخنساء:
كأن لم يكونوا حمى يتقى * إذ الناس إذ ذاك من عز بزا قوله تعالى: (كذلك زين للمسرفين) المعنى: كما زين لهذا الكافر الدعاء عند البلاء والإعراض عند الرخاء، كذلك زين للمسرفين وهم المجاوزون الحد في الكفر والمعصية - عملهم.
* * * ولقد أهلكنا القرون من قبلكم لما ظلموا وجاءتهم رسلهم بالبينات وما كانوا ليؤمنوا كذلك نجزي القوم المجرمين (13) قوله تعالى: (ولقد أهلكنا القرون من قبلكم): قال مقاتل: هذا تخويف لكفار مكة.
والظلم هاهنا بمعنى الشرك.
وفي قوله: (وما كانوا ليؤمنوا): قولان:
أحدهما: أنه عائد على أهل مكة، قاله مقاتل.
والثاني: على القرون المتقدمة، قاله أبو سليمان. قال ابن الأنباري. ألزمهم الله ترك الإيمان لمعاندتهم الحق وإيثارهم الباطل. وقال الزجاج: جائز أن يكون جعل جزاءهم الطبع على قلوبهم، وجائز أن يكون أعلم ما قد علم منهم.
قوله تعالى: (كذلك نجزي) أي: نعاقب ونهلك، (القوم المجرمين): يعني المشركين من قومك.
* * * ثم جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون (14)