أحدها: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قال لكفار قريش: اسجدوا للرحمن، قالوا: وما الرحمن؟ فنزلت هذه الآية، وقيل لهم: إن الرحمن الذي أنكرتم هو ربي، هذا قول الضحاك عن ابن عباس.
والثاني: أنهم لما أرادوا كتاب الصلح يوم الحديبية، كتب علي عليه السلام: بسم الله الرحمن الرحيم، فقال سهيل بن عمرو: ما نعرف الرحمن إلا مسيلمة، فنزلت هذه الآية، قاله قتادة، وابن جريج، ومقاتل.
والثالث: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوما في الحجر يدعو، وأبو جهل يستمع إليه وهو يقول: يا رحمن، فولى مدبرا إلى المشركين فقال: إن محمدا كان ينهانا عن عبادة الآلهة وهو يدعو إلهين!
فنزلت هذه الآية، ذكره علي بن أحمد النيسابوري.
قوله تعالى: (وإليه متاب) قال أبو عبيدة: هو مصدر تبت إليه.
ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى بل لله الأمر جميعا أفلم ييأس الذين آمنوا أن لو يشاء الله لهدى الناس جميعا ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة أو تحل قريبا من دارهم حتى يأتي وعد الله إن الله لا يخلف الميعاد (31) ولقد استهزئ برسل من قبلك فأمليت للذين كفروا ثم أخذتهم فكيف كان عقاب (32) قوله تعالى: (ولو أن قرآنا سيرت به الجبال) سبب نزولها أن مشركي قريش قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: لو وسعت لنا أودية مكة بالقرآن، وسيرت جبالها فاحترثناها، وأحييت من مات منا، فنزلت هذه الآية، رواه العوفي عن ابن عباس. وقال الزبير بن العوام: قالت قريش لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ادع الله أن يسير عنا هذه الجبال ويفجر لنا الأرض أنهارا فنزرع، أو يحيى لنا موتانا فنكلمهم، أو يصير هذه الصخرة ذهبا فتغنينا عن رحلة الشتاء والصيف فقد كان للأنبياء آيات، فنزلت هذه الآية، ونزل قوله: (وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون). ومعنى قوله: (أو قطعت به الأرض) أي: شققت فجعلت أنهارا، (أو كلم به الموتى) أي: أحيوا حتى كلموا.