وفي المشار إليها قولان:
أحدهما: البينة.
والثاني: الرحمة.
قوله تعالى: (أنلزمكموها) أي: أنلزمكم قبولها؟ وهذا استفهام معناه الإنكار، يقول: لا نقدر أن نلزمكم من ذات أنفسنا. قال قتادة: والله لو استطاع نبي الله (صلى الله عليه وسلم) لألزمها قومه، ولكن لم يملك ذلك. وقيل: كان مراد نوح عليه السلام رد قولهم: (وما نرى لكم علينا من فضل) فبين فضله وفضل من آمن به بأنه على بينة من ربه، وقد آتاه رحمة من عنده، وسلب المكذبون ذلك.
قوله تعالى: (لا أسألكم عليه) أي: على نصحي ودعائي إياكم (مالا) لا فتتهموني.
وقال ابن الأنباري: لما كانت الرحمة بمعنى الهدى والإيمان، جاز تذكيرها.
قوله تعالى: (وما أنا بطارد الذين آمنوا) قال ابن جريج: سألوه طردهم أنفة منهم، فقال:
لا يجوز لي طردهم، إذ كانوا يلقون الله فيجزيهم بإيمانهم، ويأخذ لهم ممن ظلمهم وصغر شؤونهم.
وفي قوله (تعالى): (ولكني أراكم قوما تجهلون) قولان:
أحدهما: تجهلون أن هذا الأمر من الله تعالى، قاله ابن عباس.
والثاني: تجهلون لأمركم إياي بطرد المؤمنين، قاله أبو سليمان.
* * * ويقوم من ينصرني من الله إن طردتهم أفلا تذكرون (30) ولا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول إني ملك ولا أقول للذين تزدري أعينكم لن يؤتيهم الله خيرا الله أعلم بما في أنفسهم إني إذا لمن الظالمين (31) قالوا ينوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا فاتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين (32) قال إنما يأتيكم به الله إن شاء وما أنتم بمعجزين (33) ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم هو ربكم وإليه ترجعون (34) قوله تعالى: (ويا قوم من ينصرني) اي: من يمنعني من عذاب الله إن طردتهم.