خلق السماوات والأرض بالحق تعالى عما يشركون (3) قوله تعالى: (أتى أمر الله) قرأ حمزة، والكسائي بالإمالة.
سبب نزولها: أنه لما نزل قوله تعالى: (اقتربت الساعة)، فقال الكفار بعضهم لبعض: إن هذا يزعم أن القيامة قد اقتربت، فأمسكوا عن بعض ما كنتم تعملون حتى ننظر، فلما رأوا أنه لا ينزل شئ، قالوا: ما نرى شيئا، فأنزل الله تعالى: (اقترب للناس حسابهم) فأشفقوا، وانتظروا قرب الساعة، فلما امتدت الأيام قالوا: يا محمد ما نرى شيئا مما تخوفنا به، فأنزل الله تعالى:
(أتى أمر الله)، فوثب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورفع الناس رؤوسهم، فنزل: (فلا تستعجلوه) فاطمأنوا، قاله ابن عباس.
وفي قوله: (أتى) ثلاثة أقوال:
أحدها: أتى بمعنى: يأتي، كما يقال: أتاك الخير فأبشر، أي: سيأتيك، قاله ابن قتيبة، وشاهده: (ونادى أصحاب الجنة)، (وإذ قال الله يا عيسى) ونحو ذلك.
والثاني: أتى بمعنى: قرب، قال الزجاج: أعلم الله تعالى أن ذلك في قربه بمنزلة ما قد أتى.
والثالث: أن " أتى " للماضي، والمعنى: أتى بعض عذاب الله، وهو: الجدب الذي نزل بهم، والجوع. (فلا تستعجلوه) فينزل بكم مستقبلا كما نزل ماضيا، قاله ابن الأنباري.
وفي المراد ب " أمر الله " خمسة أقوال:
أحدها: أنها الساعة، وقد يخرج على قول ابن عباس الذي قدمناه، وبه قال ابن قتيبة.
والثاني: خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم، رواه الضحاك عن ابن عباس، يعني: أن خروجه من أمارات الساعة.
وقال ابن الأنباري: أتى أمر الله من أشراط الساعة، فلا تستعجلوا قيام الساعة.
والثالث: أنه الأحكام والفرائض، قاله الضحاك.
والرابع: عذاب الله، ذكره ابن الأنباري.
والخامس: وعيد المشركين، ذكره الماوردي.
قوله تعالى: (فلا تستعجلوه) أي: لا تطلبوه قبل حينه، (سبحانه) أي: تنزيه له وبراءة من السوء عما يشركون به من الأصنام.