التقمه الحوت بعد إنذاره لهم وتوبتهم. وسيأتي شرح قصته في التقام الحوت إياه في مكانه إنشاء الله تعالى.
فإن قيل: كيف كشف العذاب عن قوم يونس بعد إتيانه إليهم، ولم يكشف عن فرعون حين آمن؟
فعنه ثلاثة أجوبة:
أحدها: أن ذلك كان خاصا لهم كما ذكرنا في أول الآية.
والثاني: أن فرعون باشره العذاب، وهؤلاء دنا منهم ولم يباشرهم، فكانوا كالمريض يخاف الموت ويرجو العافية، فأما الذي يعاين، فلا توبة له، ذكره الزجاج.
والثالث: أن الله تعالى علم منهم صدق النيات، بخلاف من تقدمهم من الهالكين، ذكره ابن الأنباري.
* * * ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين (99) قوله تعالى: (ولو شاء ربك لآمن من في الأرض) قال ابن عباس: كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حريصا على إيمان جميع الناس، فأخبره الله تعالى أنه لا يؤمن إلى من سبقت له السعادة.
قال الأخفش: جاء بقوله: (جميعا) مع (كل) تأكيدا كقوله: (وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين) قوله تعالى: (أفأنت تكره الناس) قال المفسرون منهم مقاتل: (هذا منسوخ بآية السيف)، والصحيح أنه ليس هاهنا نسخ، لأن الإكراه على الإيمان لا يصح، لأنه عمل القلب.
* * * وما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله ويجعل الرجس على الذين لا يعقلون (100)