قال المفسرون: لما قال قالوا له (إنا مهلكو أهل هذه القرية) قال: أتهلكون قرية فيها مائة مؤمن؟ قالوا: لا. قال: أتهلكون قرية فيها خمسون مؤمنا؟ قالوا: لا. أربعون؟ قالوا: لا: فما زال ينقص حتى قال: فواحد؟ قالوا: لا. فقال حينئذ: (إن فيها لوطا، قالوا نحن أعلم بمن فيها)، هذا قول ابن إسحاق. وقال غيره: قيل له: إن كان فيهم خمسة لم نعذبهم، فما كان فيهم سوى لوط وابنتيه. وقال سعيد بن جبير: قال لهم: أتهلكون قرية فيها أربعة عشر مؤمنا؟
قالوا: لا، وكان إبراهيم يعدهم أربعة عشر مع امرأة لوط، فسكت واطمأنت نفسه، وإنما كانوا ثلاثة عشر فأهلكوا.
قوله تعالى: (إن إبراهيم لحليم أواه) قد فسرناه في (براءة). فعند ذلك قالت الرسل لإبراهيم: (يا إبراهيم أعرض عن هذا) يعنون الجدال. (إنه قد جاء أمر ربك) بعذابهم.
وقيل: قد جاء عذاب ربك، فليس بمردود، لأن الله تعالى قد قضى به.
ولما جاءت رسلنا لوطا سئ بهم وضاق بهم ذرعا وقال هذا يوم عصيب (77) وجاءه قومه يهرعون إليه ومن قبل كانوا يعملون السيئات قال يا قوم هؤلاء بناتي هن أطهر لكم فاتقوا الله ولا تخزون في ضيفي أليس منكم رجل رشيد (78) قالوا لقد علمت ما لنا في بناتك من حق وإنك لتعلم ما نريد (79) قال لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد (80) قالوا يا لوط إنا رسل ربك لن يصلوا إليك فأسر بأهلك بقطع من الليل ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك إنه مصيبها ما أصابهم إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب (81) قوله تعالى: (ولما جاءت رسلنا لوطا) قال المفسرون: خرجت الملائكة من عند إبراهيم نحو قرية لوط، فأتوها عشاء. وقال السدي عن أشياخه: أتوها نصف النهار، فلما بلغوا نهر سدوم، لقوا بنت لوط تستقي الماء لأهلها، فقالوا لها: يا جارية، هل من منزل؟ قالت: نعم، مكانكم لا تدخلوا حتى آتيكم فرقا عليهم من قومها، فأتت أباها، فقالت: يا أبتاه، أدرك فتيانا على باب المدينة ما رأيت وجوه قوم هي أحسن منهم، لا يأخذهم قومك فيفضحوهم، وقد كان قومه نهوه