ومن كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعملهم فيها وهم فيها لا يبخسون (15) أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وبطل ما كانوا يعملون (16) قوله تعالى، (من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها) اختلفوا فيمن نزلت على أربعة أقوال:
أحدها: أنها عامة في جميع الخلق، وهو قول الأكثرين.
والثاني: أنها في أهل القبلة، قاله أبو صالح عن ابن عباس.
والثالث: أنها في اليهود والنصارى، قاله أنس.
والرابع: أنها في أهل الرياء، قاله مجاهد. وروى عطاء عن ابن عباس: من كان يريد عاجل الدنيا ولا يؤمن بالبعث والجزاء. وقال غيره: إنما هي في الكافر، لأن المؤمن يريد الدنيا والآخرة.
قوله تعالى: (نوف إليهم أعمالهم) أي: أجور أعمالهم (فيها) قال سعيد بن جبير:
أعطوا ثواب ما عملوا من خير في الدنيا. وقال مجاهد: من عمل عملا من صلة، أو صدقة، لا يريد به وجه الله، أعطاه الله ثواب ذلك في الدنيا، ويدرأ به عنه في الدنيا.
قوله تعالى: (وهم فيها) قال ابن عباس: أي في الدنيا. (لا يبخسون) أي: لا ينقصون من أعمالهم في الدنيا شيئا. (أولئك الذين) عملوا لغير الله (ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا) أي: ما عملوا في الدنيا من حسنة (وباطل ما كانوا) لغير الله (سبحانه) (يعلمون).
فصل وذكر قوم من المفسرين، منهم مقاتل، أن هذه الآية اقتضت أن من أراد الدنيا بعمله، أعطي فيها ثواب عمله من الرزق والخير، ثم نسخ ذلك بقوله: (عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد)، وهذا لا يصح، لأنه لا يوفي إلا لمن يريد.
* * * أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه ومن قبله كتب موسى إماما ورحمة أولئك يؤمنون به ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده فلا تك في مرية منه إنه الحق من ربك ولكن أكثر الناس لا يؤمنون (17) ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا