كاذبين (74) قالوا جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه كذلك نجزي الظالمين (75) قوله تعالى: (قالوا تالله) قال الزجاج: " تالله " بمعنى: والله، إلا أن التاء لا يقسم بها إلى في الله عز وجل. ولا يجوز: تالرحمن لأفعلن، ولا: تربي لأفعلن. والتاء تبدل من الواو، كما قالوا في وراث: تراث، وقالوا: يتزن، وأصله: يوتزن، من الوزن. قال ابن الأنباري: أبدلت التاء من الواو، كما أبدلت في التخمة والتراث والتجاه، وأصلهن من الوخمة والوراث والوجاه، لأنهن من الوخامة والوراثة والوجه. ولا تقول العرب: تالرحمن، كما قالوا: تالله، لأن الاستعمال في الإقسام كثر بالله، ولم يكن بالرحمن، فجاءت التاء بدلا من الواو في الموضع الذي يكثر استعماله.
قوله تعالى: (لقد علمتم) يعنون يوسف (ما جئنا لنفسد في الأرض) أي: لنظلم أحدا أو نسرق. فإن قيل: كيف حلفوا على علم قوم لا يعرفونهم؟ فالجواب من ثلاثة أوجه:
أحدها: أنهم قالوا ذلك، لأنهم رددوا الدراهم ولا يستحلوها، فالمعنى: لقد علمتم أنا رددنا عليكم دراهمكم وهي أكثر من ثمن الصاع، فكيف نستحل صاعكم، رواه الضحاك عن ابن عباس، وبه قال مقاتل.
والثاني: لأنهم لما دخلوا مصر كعموا أفواه إبلهم وحميرهم حتى لا تتناول شيئا، وكان غيرهم لا يفعل ذلك، رواه أبو صالح عن ابن عباس.
والثالث: أن أهل مصر كانوا قد عرفوهم أنهم لا يظلمون أحدا.
قوله تعالى: (فما جزاؤه) المعنى: قال المنادي وأصحابه: فما جزاؤه. قال الأخفش:
إن شئت رددت الكناية إلى السارق، وإن شئت رددتها إلى السرق.
قوله تعالى: (إن كنتم كاذبين) أي: في قولكم، (وما كنا سارقين). (قالوا) يعني:
إخوة يوسف (جزاؤه من وجد في رحلة فهو جزاؤه) أي: يستعبد بذلك. قال ابن عباس: وهذه كانت سنة آل يعقوب.
فبدأ بأوعيتهم قبل وعاء أخيه ثم استخرجها من وعاء أخيه كذلك كدنا ليوسف ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك إلا أن يشاء الله نرفع درجات من نشاء وفوق كل ذي علم عليم (76)