قوله تعالى: (هو الذي يسيركم) أي: الله هو أسرع مكرا، هو الذي يسيركم (في البر) على الدواب، وفي البحر على السفن، فلو شاء انتقم منكم في البر أو في البحر.
وقرأ ابن عامر، وأبو جعفر: (ينشركم) بالنون والشين من النشر، وهو في المعنى مثل قوله: (وبث منهما رجالا كثيرا). والفلك: السفن. قال الفراء: الفلك تذكر وتؤنث، وتكون واحدة وتكون جمعا، قال تعالى هاهنا: (جاءتها) فأنث، وقال في يس (في الفلك المشحون) فذكر.
قوله تعالى: (وجرين بهم): عاد بعد المخاطبة لهم إلى الإخبار عنهم. قال الزجاج: كل من أقام الغائب مقام من يخاطبه جاز أن يرده إلى الغائب، قال الشاعر:
شطت مزار العاشقين فأصبحت * عسرا علي طلابك ابنة مخرم قوله تعالى: (بريح طيبة) أي: لينة. (وفرحوا بها) للينها.
(جاءتها) يعني الفلك. قال الفراء: وإن شئت جعلتها للريح، كأنك قلت: جاءت الريح الطيبة ريح عاصف، والعرب تقول: عاصف وعاصفة، وقد عصفت الريح وأعصفت، والألف لغة لبني أسد. قال ابن عباس: الريح العاصف: الشديدة. قال الزجاج: يقال: عصفت الريح، فهي عاصف وعاصفة، وأعصفت، فهي معصف ومعصفة.
(وجاءهم الموج من كل مكان) أي: من كل أمكنة الموج.
قوله تعالى: (وظنوا) فيه قولان:
أحدهما: أنه بمعنى اليقين.
والثاني: أنه التوهم.
وفي قوله (تعالى): (أحيط بهم) قولان:
أحدهما: دنوا من الهلكة. قال ابن قتيبة: وأصل هذا أن العدو إذا أحاط ببلد، فقد دنا أهله من الهلكة. وقال الزجاج: يقال لكل من وقع في بلاء: قد أحيط بفلان، أي: أحاط به البلاء.
والثاني: أحاطت بهم الملائكة، ذكره الزجاج.
قوله تعالى: (دعوا الله مخلصين له الدين) دون أوثانهم. قال ابن عباس: تركوا الشرك، وأخلصوا لله الربوبية، وقالوا: (لئن أنجيتنا من هذه) الريح العاصف (لنكونن من الشاكرين) أي: الموحدين.
قوله تعالى: (يبغون في الأرض) البغي: الترامي في الفساد. قال الأصمعي: يقال:
بغى الجرح، إذا ترامى إلى فساد. قال ابن عباس: يبغون في الأرض بالدعاء إلى عبادة الله