تعالى، والكمال في العلم معدوم من غيره. وفي مقصود هذا الكلام ثلاثة أقوال:
أحدها: أن المعنى: يوسف أعلم من إخوته، وفوقه من هو أعلم منه.
والثاني: أنه نبه على تعظيم العلم، وبين أنه أكثر من أن يحاط به.
والثالث: أنه تعليم للعالم التواضع لئلا يعجب.
* قالوا إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل فأسرها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم قال أنتم شر مكانا والله أعلم بما تصفون (77) قالوا يا أيها العزيز إن له أبا شيخا كبيرا فخذ أحدنا مكانه إنا نراك من المحسنين (78) قال معاذ الله أن نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده إنا إذا لظالمون (79) قوله تعالى: (قالوا) يعني: إخوة يوسف (إن يسرق) يعنون ابن يامين (فقد سرق أخ له من قبل) يعنون يوسف. قال المفسرون: عوقب يوسف ثلاث مرات، قال للساقي: " اذكرني عند ربك " فلبث في السجن بضع سنين، وقال للعزيز: " ليعلم أني لم أخنه بالغيب "، فقال له جبريل: ولا حين هممت؟ فقال: " وما أبرئ نفسي "، وقال لإخوته: " إنكم لسارقون "، فقالوا: " إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل ". وفي ما عنوا بهذه السرقة سبعة أقوال:
أحدها: أنه كان يسرق الطعام من مائدة أبيه في سني المجاعة، فيطعمه للمساكين، رواه عطاء عن ابن عباس.
والثاني: أنه سرق مكحلة لخالته، رواه أبو مالك عن ابن عباس.
والثالث: أنه سرق صنما لجده أبي أمه، فكسره وألقاه في الطريق، فعيره إخوته بذلك، قاله سعيد بن جبير، ووهب بن منبه، وقتادة.
والرابع: أن عمة يوسف - وكانت أكبر ولد إسحاق - كانت تحضن يوسف وتحبه حبا شديدا، فلما ترعرع، طلبه يعقوب، فقالت: ما أقدر أن يغيب عني، فقال: والله ما أنا بتاركه، فعمدت إلى منطقة إسحاق، فربطتها على يوسف تحت ثيابه، ثم قالت: لقد فقدت منطقة إسحاق، فانظروا من أخذها، فوجدوها مع يوسف، فأخبرت يعقوب بذلك، وقالت: والله إنه لي أصنع فيه ما شئت، فقال: أنت وذاك، فما قدر عليه يعقوب حتى ماتت، فذاك الذي عيره به إخوته، رواه ابن أبي نجيح عن مجاهد.