عملوا) أي: جزاؤها، قال ابن عباس: جزاء ما عملوا من الشرك، (وحاق بهم) قد بيناه في [سورة] الأنعام، والمعنى: أحاط بهم (ما كانوا به يستهزئون) من العذاب.
وقال الذين أشركوا لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شئ نحن ولا آباؤنا ولا حرمنا من دونه من شئ كذلك فعل الذين من قبلهم فهل على الرسل إلى البلاغ المبين (35) ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين (36) إن تحرص على هداهم فإن الله لا يهدي من يضل وما لهم من ناصرين (37) قوله تعالى: (وقال الذين أشركوا) يعني: كفار مكة (ولو شاء الله ما عبدنا من دونه من شئ) يعني: الأصنام، أي: لو شاء ما أشركنا ولا حرمنا من دونه من شئ من البحيرة، والسائبة، والوصيلة، والحام، والحرث، وذلك أنه لما نزل (وما تشاؤون إلا أن يشاء الله) قالوا هذا، على سبيل الاستهزاء، لا على سبيل الاعتقاد، وقيل: معنى كلامهم: لو لم يأمرنا بهذا ويرده منا، لم نأته.
قوله تعالى: (كذلك فعل الذين من قبلهم) أي: من تكذيب الرسل وتحريم ما أحل الله، (فهل على الرسل إلا البلاغ المبين) يعني: ليس عليهم إلا التبليغ، فأما الهداية، فهي إلى الله تعالى، وبين ذلك بقوله: (ولقد بعثنا في كل أمة رسولا) أي: كما بعثناك في هؤلاء (أن اعبدوا الله) أي: وحدوه (واجتنبوا الطاغوت) وهو الشيطان (فمنهم من هدى الله) أي: أرشده (ومنهم من حقت عليه الضلالة) أي: وجبت في سابق علم الله، فأعلم الله عز وجل أنه إنما بعث الرسل بالأمر بالعبادة، وهو من وراء الإضلال والهداية، (فسيروا في الأرض) أي: معتبرين بآثار الأمم المكذبة، ثم أكد ان من حقت عليه الضلالة لا يهتدي، فقال: (إن تحرص على هداهم) أي:
[إن] تطلب هداهم بجهدك (فإن الله لا يهدي من يضل) قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، ونافع، وابن عامر، " لا يهدى " برفع الياء وفتح الدال، والمعنى: من أضله، فلا هادي له، وقرأ عاصم، وحمزة، والكسائي: " يهدي " بفتح الياء وكسر الدال، ولم يختلفوا في " يضل " أنها بضم الياء وكسر الضاد،