للعالمين (104) قوله تعالى: (وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين) قال ابن الأنباري: إن قريشا واليهود سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قصة يوسف وإخوته، فشرحها شرحا شافيا، وهو يؤمل أن يكون ذلك سببا لإسلامهم، فخالفوا ظنه، فحزن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعزاه الله تعالى بهذه الآية. قال الزجاج:
ومعناها: وما أكثر الناس بمؤمنين ولو حرصت على أن تهديهم. (وما تسألهم عليه) أي: على القرآن وتلاوته وهدايتك إياهم (من أجر، إن هو) أي: ما هو إلا تذكرة لهم لما فيه صلاحهم ونجاتهم.
وكأين من آية في السماوات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون (105) قوله تعالى: (وكأين) أي: وكم (من آية) أي: علامة ودلالة تدلهم على توحيد الله، من أمر السماوات والأرض، (يمرون عليها) أي: يتجاوزونها غير مفكرين ولا معتبرين.
وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون (106) قوله تعالى: (وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون) فيهم ثلاثة أقوال:
أحدها: أنهم المشركون، ثم في معناها المتعلق بهم قولان:
أحدهما: أنهم يؤمنون بأن الله خالقهم ورازقهم وهم يشركون به، رواه أبو صالح عن ابن عباس، وبه قال مجاهد، وعكرمة، والشعبي، وقتادة.
والثاني: أنها نزلت في تلبية مشركي العرب، كانوا يقولون: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك، إلا شريكا هو لك، تملكه وما ملك، رواه الضحاك عن ابن عباس.
والثاني: أنهم النصارى، يؤمنون بأنه خالقهم ورازقهم، ومع ذلك يشركون به، رواه العوفي عن ابن عباس.
والثالث: أنهم المنافقون، يؤمنون في الظاهر رئاء الناس، وهم في الباطن مشركون، قاله الحسن.
فإن قيل: كيف وصف المشرك بالإيمان؟ فالجواب: أنه ليس المراد به حقيقة الإيمان، وإنما المعنى: أن أكثرهم، مع إظهارهم الإيمان بألسنتهم، مشركون.