والثاني: أهل الصدق منهم، قاله الضحاك، وهو يرجع إلى الأول، لأنه لا يصدق إلا من آمن.
قوله تعالى: (لقد جاءك الحق) هذا كلام مستأنف.
قوله تعالى: (إن الذين حقت) أي: وجبت (عليهم كلمة ربك) أي: قوله. وبماذا حقت الكلمة عليهم؟ فيه أربعة أقوال:
أحدها: باللعنة.
والثاني: بنزول العذاب.
والثالث: بالسخط. والرابع: بالنقمة.
قوله تعالى: (ولو جاءتهم كل آية) قال الأخفش: إنما أنث فعل (كل) لأنه أضافه إلى (آية) وهي مؤنثة.
* * * فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين (98) قوله تعالى: (فلولا كانت قرية (آمنت)) أي: أهل قرية. وفي (لولا) قولان:
أحدهما: أنه بمعنى: لم تكن قرية آمنت (فنفعها إيمانها) أي: قبل منها (إلا قوم يونس)، قاله ابن عباس. وقال قتادة: لم يكن هذا لأمة آمنت عند نزول العذاب، إلا لقوم يونس.
والثاني: أنها بمعنى: فهلا، قاله أبو عبيدة، وابن قتيبة، والزجاج. قال الزجاج:
والمعنى: فهلا كانت قرية آمنت في وقت ينفعها إيمانها، إلا قوم يونس؟ و (إلا) هاهنا استثناء ليس من الأول، كأنه قال: لكن قوم يونس. قال الفراء: نصب القوم على الانقطاع مما قبله، ألا ترى أن (ما) بعد (إلا) في الجحد يتبع ما قبلها؟ تقول: ما قام أحد إلا أخوك، فإذا قلت: ما فيها أحد إلا كلبا أو حمارا، نصبت، لانقطاعهم من الجنس، كذلك كان قوم يونس منقطعين من غيرهم من أمم الأنبياء، ولو كان الاستثناء وقع على طائفة منهم لكان رفعا. وذكر ابن الأنباري في قوله: (إلا) قولين آخرين.
أحدهما: أنها بمعنى الواو، والمعنى: وقوم يونس لما آمنوا فعلنا بهم كذا وكذا، وهذا