فأما قوله [تعالى]: (ونلعب) فقال ابن عباس: نلهو.
فإن قيل: كيف لم ينكر عليهم يعقوب ذكر اللعب؟
فالجواب من وجهين:
أحدهما: أنهم لم يكونوا حينئذ أنبياء، قاله أبو عمرو بن العلاء.
والثاني: أنهم عنوا مباح اللعب، قاله الماوردي.
قوله تعالى: (إني ليحزنني أن تذهبوا به) أي: يحزنني ذهابكم به، لأنه يفارقني فلا أراه. (وأخاف أن يأكله الذئب) قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وعاصم، وابن عامر، وحمزة: " الذئب " بالهمز في الثلاثة المواضع. وقرأ الكسائي، وأبو جعفر، وشيبة بغير همز. قال أبو علي: " الذئب " مهموز في الأصل. يقال: تذاءبت الريح: إذا جاءت من كل جهة كما يأتي الذئب.
وفي علة تخصيص الذئب بالذكر ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه رأى في منامه أن الذئب شد على يوسف، قاله أبو صالح عن ابن عباس.
والثاني: أن أرضهم كانت كثيرة الذئاب، قاله مقاتل.
والثالث: أنه خافهم عليه فكنى بذكر الذئب، قاله الماوردي.
قوله تعالى: (وأنتم عنه غافلون) فيه قولان:
أحدهما: غافلون في اللعب.
والثاني: مشتغلون برعيتكم.
قوله تعالى: (لئن أكله الذئب ونحن عصبة) أي: جماعة نرى الذئب قد قصده ولا نرد عنه (إنا إذا لخاسرون) أي: عاجزون. قال ابن الأنباري: ومن قرأ " عصبة " بالنصب، فتقديره:
ونحن نجتمع عصبة.
فلما ذهبوا به وأجمعوا أن يجعلوه في غيابت الجب وأوحينا إليه لتنبئنهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون (15) قوله تعالى: (فلما ذهبوا به) في الكلام اختصار وإضمار، تقديره: فأرسله معهم فلما ذهبوا. (وأجمعوا) أي: عزموا على أن يجعلوه في غيابة الجب.