وهذا المعنى في رواية سعيد بن جبير عن ابن عباس.
والثاني: أنهم عضوا القول فيه، أي: فرقوا، فقالوا: شعر، وقالوا: سحر، وقالوا: كهانة، وقالوا: أساطير الأولين، وهذا المعنى في رواية ابن جريج عن مجاهد، وبه قال قتادة، وابن زيد.
والثاني: أنه مأخوذ من العضه، والعضه، بلسان قريش: السحر، ويقولون للساحرة: عاضهة.
وفي الحديث: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن العاضهة والمستعضهة، فيكون المعنى: جعلوه سحرا، وهذا المعنى في رواية عكرمة عن ابن عباس، وبه قال عكرمة، والفراء.
قوله تعالى: (فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون) هذا سؤال توبيخ، يسألون عن ما عملوا في ما أمروا به من التوحيد والإيمان، فيقال لهم: لم عصيتهم وتركتم الإيمان؟ فتظهر فضيحتهم عند تعذر الجواب. قال أبو العالية: يسأل العباد كلهم يوم القيامة عن خلتين: عما كانوا يعبدون، وعما أجابوا المرسلين.
فإن قيل: كيف الجمع بين هذه الآية، وبين قوله: (فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان) فعنه جوابان:
أحدهما: أنه لا يسألهم: هل عملتم كذا؟ لأنه أعلم، وإنما يقول: لم عملتم كذا؟ رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس.
والثاني: أنهم يسألون في بعض مواطن القيامة، ولا يسألون في بعضها، رواه عكرمة عن ابن عباس.
فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين (94) قوله تعالى: (فاصدع بما تؤمر) فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: فامض لما تؤمر، قاله ابن عباس.
والثاني: أظهر أمرك، رواه ليث عن مجاهد، قال ابن قتيبة: " فاصدع بما تؤمر " أي: أظهر ذلك. وأصله: الفرق والفتح، يريد: اصدع الباطل بحقك. وقال الزجاج: اظهر بما تؤمر به، أخذ