بما يزيل عنا هذا الملل، فقال: تلك الأحاديث التي تقدرون الانتفاع بها وانصراف الملل، هي آيات الكتاب المبين.
وفي معنى " المبين " خمسة أقوال:
أحدها: البين حلاله وحرامه، قاله ابن عباس، ومجاهد.
والثاني: المبين للحروف التي تسقط عن ألسن الأعاجم، رواه خالد بن معدان عن معاذ بن جبل.
والثالث: البين هداه ورشده، قاله قتادة.
والرابع: المبين للحق من الباطل.
والخامس: البين إعجازه فلا يعارض، ذكرهما الماوردي.
إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون (2) قوله تعالى: (إنا أنزلناه) في هاء الكناية قولان:
أحدهما: أنها ترجع إلى الكتاب، قاله الجمهور.
والثاني: إلى خبر يوسف، ذكره الزجاج، وابن القاسم.
قوله تعالى: (قرآنا عربيا) قد ذكرنا معنى القرآن واشتقاقه في سورة النساء. وقد اختلف الناس، هل في القرآن شئ بغير العربية، أم لا، فمذهب أصحابنا أنه ليس فيه شئ بغير العربية. وقال أبو عبيدة: من زعم أن في القرآن لسانا سوى العربية فقد أعظم على الله القول، واحتج بقوله: (إنا جعلناه قرآنا عربيا) وروي عن ابن عباس، ومجاهد، وعكرمة أن فيه من غير لسان العرب، مثل " سجيل " و " المشكاة " و " اليم " و " الطور " و " أباريق " و " إستبرق " وغير ذلك. وقرأت على شيخنا أبي منصور اللغوي قال: قال أبو عبيد: وهؤلاء أعلم من أبي عبيدة، ولكنهم ذهبوا إلى مذهب، وذهب هو إلى غيره، وكلاهما مصيب إن شاء الله، وذلك أن هذه الحروف بغير لسان العرب في الأصل، فقال: أولئك على الأصل، ثم لفظت به العرب بألسنتها فعربته فصار عربيا بتعريبها إياه، فهي عربية في هذه الحالة، أعجمية الأصل، فهذا القول يصدق الفريقين جميعا.
قوله تعالى: (لعلكم تعقلون) قال ابن عباس: لكي تفهموا.