فإنما العيش بريانه * وأنت من أفنانه معتصر والخامس: يعطون ويفضلون لسعة عيشهم، رواه ابن الأنباري عن بعض أهل اللغة. وقرأ سعيد بن جبير: " يعصرون " بضم الياء وفتح الصاد. وقال الزجاج: أراد: يمطرون من قوله:
(وأنزلنا من المعصرات ماء ثجاجا).
وقال الملك ائتوني به فلما جاءه الرسول قال ارجع إلى ربك فسئله ما بال النسوة التي قطعن أيديهن إن ربي بكيدهن عليم (50) قال ما خطبكن إذ راودتن يوسف عن نفسه قلن حاش لله ما علمنا عليه من سوء قالت امرأة العزيز الآن حصحص الحق أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين (51) قوله تعالى: (وقال الملك ائتوني به) قال المفسرون: لما رجع الساقي إلى الملك وأخبره بتأويل رؤياه، وقع في نفسه صحة ما قال، فقال: ائتوني بالذي عبر رؤياي، فجاءه الرسول، فقال: أجب الملك، فأبى أن يخرج حتى تبين براءته مما قرف به، فقال: (ارجع إلى ربك) يعني الملك (فاسأله ما بال النسوة) وقرأ ابن أبي عبلة: " النسوة " بضم النون، والمعنى: فاسأل الملك أن يتعرف ما شأن تلك النسوة وحالهن ليعلم صحة براءتي، وإنما أشفق أن يراه الملك بعين مشكوك في أمره أو متهم بفاحشة، وأحب أن يراه بعد استقرار براءته عنده. وظاهر قوله: (إن ربي بكيدهن عليم) أنه يعني الله عز وجل، وحكى ابن جرير الطبري أنه أراد به سيده العزيز، والمعنى: أنه يعلم براءتي. وقد روي عن نبينا صلى الله عليه وسلم أنه استحسن حزم يوسف وصبره عن التسرع إلى الخروج، فقال صلى الله عليه وسلم: " إن الكريم ابن الكريم بن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم، لو لبثت في السجن ما لبث يوسف، ثم جاءني الداعي لأجبت " وفي ذكره للنسوة دون امرأة العزيز أربعة أقوال:
أحدها: أنه خلطها بالنسوة، لحسن عشرة فيه وأدب، قاله الزجاج.
والثاني: لأنها زوجة ملك، فصانها.
والثالث: لأن النسوة شاهدات عليها له.
والرابع: لأن في ذكره لها نوع تهمة، ذكر الأقوال الثلاثة الماوردي. قال المفسرون: فرجع الرسول إلى الملك برسالة يوسف، فدعا الملك النسوة وفيهن امرأة العزيز، فقال: (ما خطبكن)