قال امنت أنه لا إله إلا الذي امنت به بنوا إسرائيل وأنا من المسلمين (90) الآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين (91) فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية وإن كثيرا من الناس عن آياتنا لغافلون (92) قوله تعالى: (فما آمن لموسى إلا ذرية) في المراد بالذرية هاهنا ثلاثة أقوال:
أحدها: أن المراد (بالذرية: القليل. قاله ابن عباس والثاني: أنه أولاد الذين أرسل إليهم موسى) مات آباؤهم لطول الزمان، وآمنوا هم، قاله مجاهد. وقال ابن زيد: هم الذين نشؤ وا مع موسى حين كف فرعون عن ذبح الغلمان. قال ابن الأنباري: وإنما قيل لهؤلاء: (ذرية) لأنهم أولاد الذين بعث إليهم موسى، وإن كانوا بالغين.
والثالث: أنهم قوم، أمهاتهم من بني إسرائيل، وآباؤهم من القبط، قاله مقاتل، واختاره الفراء. قال: وإنما سموا ذرية كما قيل لأولاد فارس: الأبناء، لأن أمهاتهم من غير جنس آبائهم. وفي هاء (قومه) قولان:
أحدهما: أنها تعود إلى موسى، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس.
والثاني: إلى فرعون، رواه أبو صالح عن ابن عباس فعلى القول الأول يكون قوله: (على خوف من فرعون وملئهم) أي: وملأ فرعون. قال الفراء: إنما قال: (وملئهم) بالجمع، وفرعون واحد، لأن الملك إذا ذكر ذهب الوهم إليه وإلى من معه، تقول: قدم الخليفة فكثر الناس، تريد: بمن معه. وقد يجوز أن يريد بفرعون: آل فرعون، كقوله (واسأل القرية).
وعلى القول الثاني: يرجع ذكر الملأ إلى الذرية. قال ابن جرير: وهذا أصح، لأنه كان في الذرية من أبوه قبطي وأمه إسرائيلية، فهو مع فرعون على موسى.
قوله تعالى: (أن يفتنهم) يعني فرعون، ولم يقل: يفتنوهم، لأن قومه كانوا على من كان عليه. وفي هذه الفتنة قولان:
أحدهما: أنها القتل، قاله ابن عباس.
والثاني: التعذيب، قاله ابن جرير.