وما ظن الذين يفترون على الله الكذب يوم القيمة إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثرهم لا يشكرون (60) قوله تعالى: (وما ظن الذين يفترون على الله الكذب) في الكلام محذوف، تقديره: ما ظنهم أن الله فاعل بهم يوم القيامة بكذبهم، (إن الله لذو فضل على الناس) حين لم يعجل عليهم بالعقوبة (ولكن أكثرهم لا يشكرون) تأخير العذاب عنهم.
* * * وما تكون في شأن وما تتلوا منه من قرآن ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهودا إذ تفيضون فيه وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتب مبين (61) قوله تعالى: (وما تكون في شأن) أي: في عمل من الأعمال، وجمعه: شؤون.
(وما تتلو منه) في هاء الكناية قولان:
أحدهما: أنها تعود إلى الشأن. قال الزجاج: معنى الآية: أي وقت تكون في شأن من عبادة الله، وما تلوت من الشأن من قرآن.
والثاني: أنها تعود إلى الله تعالى، فالمعنى: وما تلوت من الله، أي: من نازل منه من قرآن، ذكره جماعة من العلماء. والخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم وأمته داخلون فيه، بدليل قوله: (ولا تعملون من عمل) قال ابن الأنباري: جمع في هذا، ليدل على أنهم داخلون في الفعلين الأولين.
قوله تعالى: (إذ تفيضون فيه) الهاء عائدة على العمل. قال ابن قتيبة: تفيضون بمعنى تأخذون فيه. وقال الزجاج: تنتشرون فيه، يقال: أفاض القوم في الحديث: إذا انتشروا فيه وخاضوا. (وما يعزب) معناه: وما يبعد. وقال ابن قتيبة: ما يبعد ولا يغيب. وقرأ الكسائي (يعزب) بكسر الزاي هاهنا وفي (سبأ). وقد بينا (مثقال ذرة) في سورة النساء:
قوله تعالى: (ولا أصغر من ذلك ولا أكبر) قرأ الجمهور بفتح الراء فيهما. وقرأ حمزة، وخلف، ويعقوب، برفع الراء فيهما. قال الزجاج: من قرأ بالفتح، فالمعنى: وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة، ولا مثقال أصغر من ذلك ولا أكبر، والموضع موضع خفض، إلا أنه فتح لأنه