والمسألة لذلك قوية الاشكال، لتعارض هذه الأخبار الواردة في هذا المجال.
بقي الكلام في أنه هل يجب كون الاستصباح به تحت السماء، فلا يجوز تحت الظلال أم لا؟ ظاهر كلامهم: الأول. فنقل في المختلف عن الشيخين وابن البراج:
أن الدهن إذا وقعت فيه نجاسة، جاز الاستصباح به، فإن دخانه يكون طاهرا ولا يكون نجسا، لأن الأصل الطهارة وبراءة الذمة، والحكم بالنجاسة وشغل الذمة يحتاج إلى دليل.
وقال في المبسوط: الأدهان إذا ماتت فيها فأرة تنجس، ويجوز عندنا وجماعة الاستصباح به في السراج، ولا يؤكل ولا ينتفع به في غير الاستصباح، وفيه خلاف.
وروى أصحابنا: أنه يستصبح به تحت السماء دون السقف، وهذا يدل على أن دخانه نجس، غير أن عندي أن هذا مكروه، فأما دخانه ودخان كل نجس من العذرة وجلود الميتة والسرجين والبعر وعظام الموتى عندنا ليس بنجس. وأما ما يقطع بنجاسته قال قوم: دخانه نجس. وهو الذي قدمناه من رواية أصحابنا. وقال آخرون - وهو الأقوى - أنه ليس بنجس.
وقال ابن إدريس: يجوز الاستصباح به تحت السماء، ولا يجوز الاستصباح به تحت الظلال، لا لأن دخانه نجس، بل تعبدا، لأن دخان الأعيان النجسة ورمادها طاهر عندنا بغير خلاف بيننا. ثم نقل كلام المبسوط، ثم قال: قوله: روى أصحابنا أنه يستصبح به تحت السماء دون السقف، هذا يدل على أن دخانه نجس، غير أن عندي أن هذا مكروه. ويريد به الاستصباح تحت السقف.
قال محمد بن إدريس: ما ذهب أحد من أصحابنا إلى أن الاستصباح به تحت الظلال مكروه، بل محظور بلا خلاف منهم، وشيخنا أبو جعفر محجوج بقوله في جميع كتبه، إلا ما ذكره ها هنا، والأخذ بقوله وقول أصحابنا أولى من الأخذ بقوله المنفرد عن قول أصحابنا انتهى.