الفأرة، فيجوز بيعها لفائدة الاستصباح بها. وإنما خرج هذا الفرد بالنص، وإلا لكان ينبغي مساواتها لغيرها من المايعات النجسة، التي يمكن الانتفاع بها بعض الوجوه، وقد ألحق بعض الأصحاب ببيعها للاستصباح ببيعها ليعمل صابونا، أو ليدهن بها الأجرب ونحو ذلك، ويشكل بأنه خروج عن موضع النص المخالف للأصل، فإن جاز، لتحقق المنفعة، فينبغي مثله في المايعات النجسة التي ينتفع بها، كالدبس يطعم النحل ونحوه انتهى.
أقول: يمكن أن يقال: إن ذكر الاستصباح في هذه الأخبار إنما خرج مخرج التمثيل لا الحصر، حيث إنه أظهر وجوه الاستعمالات واعم فوائدها، كما أن تخصيص المنع بالأكل فيها غير دال على الحصر فيه. ويؤيده ذلك خبر الراوندي الدال على عمله صابونا، كما ذهب إليه البعض الذي نقل عنه ذلك. ولعله استند إلى الخبر المذكور، على أنه لم يقم هنا - أعني بالنسبة إلى ما نجاسته عارضية في المايعات - ما يدل على عموم المنع من الانتفاع به، والأصل وعموم الأدلة يؤيد ما ذكرناه.
وإليه مال - أيضا - شيخنا المجلسي في البحار، وقبله الفاضل في الذخيرة و الله العالم.
(الثالثة): لا يخفى أنه على تقدير القول بوجوب الاستصباح بالدهن النجس تحت السماء، فإن الظاهر كون ذلك تعبدا شرعيا، كما ذكره ابن إدريس، لا لنجاسة دخانه، كما دل عليه كلام الشيخ المتقدم، والعلامة في المختلف، لما تقدم تحقيقه في كتاب الطهارة، من طهارة الدخان والرماد، وإن كانا من النجاسات العينية.
وما ذكره العلامة هنا من التعليل، ضعيف عليل ومحض تخرص لا يروي الغليل.
وأصالة العدم أظهر ظاهر في رده.
(الرابعة) قد دل صحيح معاوية بن وهب، وموثق أبي بصير، وخبر قرب الإسناد على الأمر بالاعلام إذا أراد بيعه، وحينئذ فلو باعه من غير اعلام فالظاهر