ريب أنه من المتفق عليه بينهم: عدم جواز اجراء شئ من هذه الأحكام على من ذكره من الخوارج والنواصب، فيكف يدعى أنه المتبادر من لفظ المسلم، واجراء أحكامه عليه، وأي أحكام يريد؟ وهذه أحكام الاسلام المترتبة عليه في الأخبار، والأخبار مستفيضة بكفر هؤلاء، مصرحة به، بأوضح تصريح، ولا سيما النواصب، واطلاق الاسلام عليهم إنما وقع في كلام الأصحاب، مع تعبيرهم بمنتحلي الاسلام، بمعنى أنه لفظي محض، لاحظ لهم في شئ مما يترتب عليه من الأحكام التي ذكرناها فكيف يدخلون تحت تبادر هذا اللفظ والحال كما عرفت.
وثانيا: أن المستفاد من كلامه هنا وكلام غيره أيضا: أن المستند في أصل هذه المسألة إنما هو الآية الكريمة، أعني قوله عز وجل: " ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا " (1) وأنت خبير بما فيه، فإنه لو أريد بالسبيل هنا ما يدعونه من سلطنة الكافر على المسلم بالملك والدخول تحت طاعته ووجوب الانقياد لأمره ونهيه، لا تنقض ذلك - أولا - بما أوجبه الله تعالى على أئمة العدل من الانقياد إلى أئمة الجور، والصبر على ما ينزل بهم من أئمة الجور، وعدم الدعاء عليهم، كما ورد في تفسير قوله عز وجل " قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله ليجزي قوما بما كانوا يعلمون " (2) وثانيا - بما أوقعوه بالأنبياء والأئمة - عليهم السلام - من القتل فضلا عن غيره من أنواع الأذى، وأي سبيل أعظم من هذا السبيل.
- وثالثا - بما رواه الصدوق في العيون (3) من أنه قيل له: إن في سواد الكوفة قوما يزعمون أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يقع عليه السهو، فقال: كذبوا - لعنهم الله - إن الذي لا يسهو هو الله، لا إله إلا هو.