قيل: ومنهم قوم يزعمون أن الحسين بن علي لم يقتل وأنه ألقى إليه شبهة على حنظلة بن أسعد الشامي، فإنه رفع إلى السماء كما رفع عيسى بن مريم عليه السلام، ويحتجون بهذه الآية " ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا ".
فقال: كذبوا - عليهم غضب الله ولعنته - وكفروا بتكذيبهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم في أخباره بأن الحسين - عليه السلام - سيقتل، والله لقد قتل الحسين وقتل من كان خيرا " من الحسين عليه السلام أمير المؤمنين والحسن بن علي وما منا إلا مقتول، وإني والله لمقتول بالسم باغتيال من يغتالني، أعرف ذلك بعهد معهود إلي من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أخبره به جبرئيل عن رب العالمين عز وجل.
وأما قوله تعالى " ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا " فإنه يقول: لن يجعل الله للكافر على مؤمن حجة. ولقد أخبر الله عن كفار قتلوا نبيين بغير حق، ومع قتلهم إياهم لم يجعل لهم على أنبيائه - عليهم السلام - من طريق الحجة.
أقول: والخبر - كما ترى - صريح في تفسير السبيل المنفي في الآية بالحجة والدليل، فتعلق أصحابنا بظاهر هذه الآية في مواضع من الأحكام، بناء على المعنى الذي نقلناه عنهم، مع ظهور انتقاضه بما قدمنا ذكره، وورود هذا الخبر، مما لا ينبغي أن يصغى إليه، والعذر لهم ظاهر في عدم الوقوف على الخبر المذكور.
وهذا مما يؤيد ما صرحنا به في مواضع من أبواب العبادات من هذا الكتاب، أنه لا ينبغي المسارعة إلى الاستدلال بظواهر الآيات قبل مراجعة الأخبار الواردة في تفسيرها عن أهل العصمة - عليهم السلام - وبالجملة فإني لا أعرف لهم دليلا في هذا المقام سوى ما عرفت مما لا يروي غليلا ولا يشفي عليلا.
نعم يمكن أن يستدل على ذلك بمفهوم رواية حماد بن عيسى عن الصادق عليه السلام أن أمير المؤمنين - عليه السلام - أتى بعبد ذمي قد أسلم، فقال: اذهبوا فبيعوه من