وأما قوله: فمع تلفه يكون إذنا فيه فإنه ضعيف في غاية الضعف بل بعيد الصدور من مثله، مع ما عرفت.
وكيف يصح اجتماع الحكم بوجوب الرد مع وجود العين، وعدم جواز التصرف فيها مع الحكم ببرائة ذمة من يجب عليه رده ويحرم عليه التصرف فيها لو أتلفها.
وأما اعتماده على الاجماع في أمثال هذه البقاع، فهو مردود بما حققه، في رسالة صلاة الجمعة - كما قدمنا ذكره في كتاب الصلاة في باب صلاة الجمعة، حيث إنه قد مزقه تمزيقا، وجعله حريقا.
وأما قوله: على تقدير عدم تحقق الاجماع، وإلا فمن الجائز أن يكون عدم جواز رجوع المشتري العالم عقوبة.
ففيه - أولا -: ما عرفت في غير موضع مما تقدم في مباحث الكتاب، أن أمثال هذه التعليلات لا تصلح لتأسيس الأحكام الشرعية، بل المدار إنما هو على النصوص الجلية والأحاديث المعصومية.
و - ثانيا -: ما عرفت آنفا، من أن ذلك مناف لحكمهم بصحة العقد، فإن قضية صحته صحة ما يترتب عليه، من قبض الثمن واقباض المثمن، وحينئذ فكيف يتم قوله " بأنه مع عدم الإجازة وقعت المعاوضة على محرم فلا يستحق عوض ما دفعه " فإن كان هذا التحريم ثابتا حال العقد فالمعاوضة باطلة، والإجازة بعدها لا تؤثر معها شيئا بالكلية، وإن كان إنما علم بعد ذلك فالمعاوضة الأولى صحيحة، وبعد ظهور الكاشف عن بطلانها يحكم بالبطلان من حينه، ورجوع كل شئ إلى مقره، وتحريم رجوع المشتري فيما دفعه من الثمن، مع كونه إنما دفعه بناء على صحة العقد وتوقع الإجازة من المالك، مما لا وجه له بالكلية.
وما نظره به من مسألة حلف المنكر قياس مع الفارق، فإن تلك المسألة منصوصة، قد دلت النصوص فيها على ذلك، بخلاف محل البحث، إذ ليس فيه إلا مجرد هذه