أقول: لقائل أن يقول: إنه لا يخفى ما في هذا الكلام من تطرق المناقشة إليه، وإن كان ظاهر هم الاتفاق عليه. وذلك فإنه متى كانت الصيغة الخاصة عندهم أحد أركان البيع (1) كما صرحوا به مع تصريحهم هنا باشتراط جميع شروط البيع في صحة المعاطاة ما عدا الصيغة الخاصة، فقضية ذلك هو بطلان هذه المعاطاة وفسادها، لفوات أحد أركان الصحة، وهو الصيغة الخاصة، كما ذكره العلامة في النهاية.
وهم إنما تمسكوا في صحة المعاطاة وإفادتها الإباحة مع وجود العين، واللزوم مع تلفها، بالرضا من كل من المتعاقدين، كما يدور عليه كلامه في المسالك.
ولا ريب أن إفادة الرضا لما ذكروه فرع المشروعية، ألا ترى أنهما لو تراضيا على بيع المجهول وشرائه، أو الربوي أو نحو ذلك، مما لا يصح بيعه شرعا، فإنه لا يصح. ولا ثمرة لهذا الرضا بالكلية، فكذا فيما نحن فيه، بناء على ما حكموا به من ركنية الصيغة الخاصة، ودوران الصحة والابطال مدارها، وجودا وعدما.
وبالجملة فإنه بالنظر إلى مقتضى الأدلة الشرعية، فاللازم هو صحة المعاطاة، وأن حكمها حكم البيع المترتب على الصيغة الخاصة، من غير فرق كما هو المختار.
وإليه ذهب من عرفت من علمائنا الأبرار. وبالنظر إلى قواعدهم وتصريحاتهم بما قدمنا ذكره، فالواجب هو الحكم بالفساد، لما عرفت. وما ذكروه تفريعا على الصحة من إباحة التصرف وعدم اللزوم، إلا بعد ذهاب العين، بناء على ما عرفت من تعليلات المسالك، فإنه غير موجه عندي ولا ظاهر كما أوضحناه.
فإن قيل: إن اشتراط الصيغة الخاصة إنما هو في البيع، وهذا ليس ببيع، وإنما هي معاملة أخرى تفيد الإباحة على الوجه المذكور في كلامهم.
قلنا: فيه - أولا -: إن صحة هذه المعاملة على الوجه الذي ذكروه، موقوفة