وقول الصادق عليه السلام: يصلي على الجنازة أولى الناس بها أو يأمر من يحب (1) ونحوه أخبار ولاية الزوج لزوجته، وأنه أولى الناس بالصلاة عليها والغسل بها (2) وهكذا في ساير ما يتعلق بالميت، فإن الخطاب بايقاع ذلك الفعل إنما توجه إلى الولي خاصة، أما بأن يوقعه بنفسه أو يأذن لغيره. وأين هذا من الوجوب الكفائي، الذي يدعونه؟!
وبذلك يظهر: أن فائدة الولاية هو اختصاص الفعل به، بأن يغسله ويصلي عليه ويكفنه ونحو ذلك، أو يأذن لغيره في هذه الأمور.
وحينئذ فلو فرضنا أن الغير امتنع من امتثال أمر الولي إلا بالأجرة جاز له ذلك، لأنه غير مخاطب بهذه الأمور، ولا مكلف بها حتى يحرم عليه أخذ الأجرة كما ادعوه، نعم لو سلمنا صحة ما ادعوه من الوجوب الكفائي، صح ما رتبوه عليه من تحريم أخذ الأجرة.
ثم إن مقتضى تخصيص الأصحاب الحكم بالواجب من هذه الأمور، جواز أخذ الأجرة على المستحب، مثل زيادة الحفر على ما يستر ريحه عن الشياع، ويكن جثته عن السباع، بمقدار الترقوة، ونقله إلى المشاهد المشرفة، وتثليث الغسلات في التغسيل، ووضوء الميت على تقدير القول باستحبابه، وتكفينه بالقطع المندوبة ونحو ذلك.
وقيل بالمنع. نقله في المسالك عن بعض الأصحاب، محتجا باطلاق النهي!
وأنت خبير بأنا لم نقف على نهي في هذا الباب، ولا ذكره أحد من الأصحاب، بل ذكر المحقق الأردبيلي في شرح الإرشاد أيضا، أنه لم يقف عليه، قال - بعد نقل القول المذكور -: ووجهه غير ظاهر، ولعله أنها عبادة وهي تنافي الأجرة ومنعه ظاهر، ألا ترى جواز أخذ الأجرة على الحج وساير العبادات بالاجماع والأدلة. قيل: لاطلاق النهي، وما رأيت النهي. انتهى.