أن الخطابات الواردة من الشارع في هذه المواضع إنما توجهت إلى الولي بأن يفعل ذلك أو يأمر من يفعله، إلا أن لا يكون للميت ولي، وعلى ما ذكرنا لا يتجه تحريم أخذ الأجرة على الاطلاق كما ذكروه، وإن كان ظاهرهم الاتفاق على ما نقلناه عنهم.
إلا أن يقال: إنه إذا أذن الولي وجب عليه حينئذ وهو بعيد، لعدم الدليل عليه فإنا لم نقف لهم في دعوى الوجوب الكفائي في هذا المقام على دليل يعتمد عليه من الأخبار وليس إلا ظاهر اتفاقهم عليه.
والأصحاب قد نقلوا في هذا المقام عن المرتضى جواز أخذ الأجرة بالتقريب الذي ذكرناه.
قال في المسالك - بعد ذكر المصنف لأصل الحكم -: هذا هو المشهور بين الأصحاب، وعليه الفتوى، وذهب المرتضى إلى جواز أخذ الأجرة على ذلك لغير الولي بناء على اختصاص الوجوب به، وهو ممنوع، فإن الوجوب الكفائي لا يختص به، وإنما فائدة الولاية توقف الفعل على إذنه، فيبطل منه ما وقع بغيره، مما يتوقف على النية. انتهى.
وفيه: أن ما ادعاه - رحمه الله - وغيره من الوجوب الكفائي عار عن الدليل كما عرفت.
وأما قوله: إن فائدة الولاية توقف الفعل على إذنه، فإن فيه: أن النصوص الدالة على ذلك ظاهرة بل صريحة في توجه الأمر بالاتيان بتلك الأفعال إلى الولي، كقول أمير المؤمنين عليه السلام - فيما رواه في الفقيه -: يغسل الميت أولى الناس به أو من يأمره الولي بذلك (1) وبمضمونه خبر آخر في الغسل (2).