أقول: الظاهران الأقرب هو ما ذكرناه أولا، وهو الذي فسره به بعض الأصحاب أيضا، لأن الثاني على تقدير تسليم تحريمه لا يكون مطردا، بل يختلف على الوجه الذي ذكره، بخلاف ما ذكرناه أولا، فإن التحريم ثابت معلوم مطرد في جميع الأوقات والأزمان، إلا مواضع مخصوصة دل الدليل على استثنائها.
قال في المسالك: وكذا يحرم على المرأة التزين بزينة الرجل والتحلي بحليه المختصة به، كلبس المنطقة والعمامة والتقليد بالسيف. ولا فرق في الأمرين بين مباشرة الفاعل لذلك بنفسه أو تزيين غيره له، إلا أن المناسب للعبارة هنا فعل الغير بهما ليكتسب به، أما فعلهما بأنفسهما فلا يعد تكسبا إلا على تجوز بعيد، انتهى.
أقول: لم أقف في هذا الموضع على خبر ولا دليل يدل على ما ذكروه، سوى ما ورد من عدم جواز لبس الرجل الذهب والحرير، فلو خص تحريم التزيين بذلك لكان له وجه لما ذكرناه، وأما ما عداه فلم نقف على دليل تحريمه، لا بفعل الانسان و لا بفعل الغير به.
ويشير إلى ما ذكرناه ما صرح به المقدس الأردبيلي في هذا المقام، حيث قال - بعد ذكر نحو ما قدمناه -: ولعل دليله الاجماع بنفسه، وأنه نوع غش، و هو محرم. والاجماع غير ظاهر فيما قيل، وكذا كونه غشا وهو ظاهر. انتهى.
أقول: قد عرفت صحة هذا الحكم بالنسبة إلى تزيين الرجل بالذهب و الحرير، لما ذكرناه وإنما موضع الاشكال ما عدا ذلك مما قدمنا نقله عنهم.
نعم قد ورد في بعض الأخبار: لعن المتشبهين بالنساء ولعن المتشبهات بالرجال.
إلا أن الظاهر منها - باعتبار حمل بعضها على بعض - إنما هو باعتبار التأنيث وعدمه، لا باعتبار اللبس والزي.
فقد روى في الكافي بسنده عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام، قال: قال رسول صلى الله عليه وآله وسلم في حديث: لعن الله المحلل والمحلل له، ومن يوالي غير مواليه، ومن ادعى نسبا لا يعرف، والمتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال،