الأصحاب، وإن كان الاقتصار على ما ذكروه أحوط، إلا أن يكون لذكر ما زاد على ذلك تأثير في ارتداعه عما هو عليه من الفسق والتظاهر به ولعل الأخبار المشار إليها إنما خرجت بناء على ذلك.
وكيف كان، فالظاهر أن حكام الجور والظلمة وأتباعهم المتظاهرين بالظلم والفسق، وأخذ أموال الناس، واللعب بالباطل، كما هو معروف الآن في جميع الأصقاع والبلدان بين الشيعة وغيرهم، من هذا القبيل بل من أظهر أفراد هذه الأخبار.
وظاهر الخبر الرابع: جواز الغيبة بمجرد ظهور الفسق وإن لم يكن متظاهرا به، وإن ترك الجماعة فسق وإن لم يقل به الأصحاب فيما أعلم، حيث إنهم صرحوا بأن ترك المستحبات لا يمنع من العدالة، إلا أن ظاهر الأخبار خلافه لتظافرها بجواز حرق بيته عليه.
وبالجملة فالخبر المذكور ظاهر في حصول الفسق بذلك وأنه يجوز غيبته وإن لم يتظاهر به، إلا أن يخص ذلك بمورد الخبر المذكور من صلاة الجماعة، تنويها بشأنها وعلو مكانها.
ويؤيد العموم ما في بعض الأخبار، من قوله عليه السلام: لا غيبة لفاسق. إلا أنه يشكل ذلك بأن الغيبة التي هي عبارة عن ذكر الرجل بالعيب الذي فعله وستره الله تعالى عليه، إنما مورده الفاسق، لأنه إنما اغتابه بما فعله من الذنب الموجب لفسقه، مع أن الله تعالى قد حرم ذكره بذلك وجعله من قبيل أكل لحم أخيه ميتا. وحينئذ فإذا كان الفسق حاصلا مع تحريم الله سبحانه غيبته وذكره به، فكيف يتم نفي الغيبة عن الفاسق مطلقا؟ بل الظاهر هو تقييد اطلاق الخبر المذكور بما إذا كان متظاهرا به، كما دلت عليه الأخبار الأولة.
وحينئذ فالظاهر قصر الصحيحة المذكورة على موردها والله العالم.
(ومنها): ما أشرنا إليه - آنفا - من جواز غيبته لدفع الضرر عنه، وإن لم يتعرض له أحد من الأصحاب فيما أعلم.