مما أهل نفسه له، وتنبههم إلى الخطر اللاحق لهم بالانقياد إليه، وكذلك إذا رأيت رجلا يتردد إلى فاسق يخفى أمره، وخفت عليه من الوقوع بسبب صحبته فيما لا يوافق الشرع، فلك أن تنبهه على فسقه، مهما كان الباعث الخوف من انشاء البدعة وسراية الفسق. إلا أن هذا الموضع محل الخديعة من الشيطان، إذ ربما يكون الباعث إنما هو الحسد على تلك المنزلة، فيلتبس عليك الشيطان، كما هو غالب فاش في أبناء الزمان، فينبغي للداخل في ذلك أن يلاحظ نفسه فيما بينه وبين ربه.
ومن ذلك - أيضا -: بيان الأغلاط الواقعة من العلماء. والظاهر: أن من هذا القبيل طعن العلماء بعضهم على بعض في المسائل الفقهية حتى أنجر إلى التجهيل، كما لا يخفى على من وقف على الرسالة المنسوبة إلى المفيد والسيد المرتضى، في الرد على الصدوق في تجويزه السهو على المعصوم، فإنها اشتملت على قدح عظيم في حق الصدوق، لا يليق بمثله أن ينسب إليه ذلك، وكما وقع من المحقق والعلامة في الطعن علي ابن إدريس في مواضع لا تحصى، مما يؤذن بتجهيله، مع ما هو عليه من الفضل وعلو الشأن ونحو ذلك.
وقد وقع بين جملة من مشائخنا المعاصرين ممن عليهم الاعتماد بين العباد في البلاد ما يؤدي إلى أعظم الاشكال في هذا المجال، حتى أن رجلين منهم كانا يصليان الجمعة في أقل من مسافة الفرسخ. والناس يقتدون بكل منهما. وكان بعض من عاصرناه من المشائخ ينقل حديثا - إن صح هان الأمر في ذلك - وإلا فالمقام مقام خطر واشكال.
وصورة الخبر الذي ينقله في حق العلماء: أنه عليه السلام قال: خذوا بما يفتون ولا تنظروا إلى ما يقول بعضهم في بعض، فإنهم يتغايرون كما تتغاير النساء. هذا حاصل معناه.
ومما يؤيد ذلك: دلالة جملة من الأخبار على حصول الحسد بين العلماء، خصوصا زيادة على ما بين سائر الناس.
وبالجملة فالداء عضال، لا يكاد ينفك منه إلا من عصمه الله تعالى بالتوفيق في