صوت؟ فقال: ما عليك لو اشتريتها فذكرتك الجنة، يعني بقراءة القرآن والزهد والفضائل، التي ليست بغناء، وأما الغناء فمحظور (1).
قال في الوافي - بعد نقل الخبر -: الظاهر أن هذا التفسير من كلام الصدوق - عليه الرحمة - ويستفاد منه أن من مد الصوت وترجيعه بأمثال ذلك ليس بغناء، أو بمحظور، وفي الأحاديث التي مضت في أبواب قراءة القرآن، من كتاب الصلاة دلالة على ذلك، والذي يظهر من مجموع الأخبار الواردة فيه، اختصاص حرمة الغناء وما يتعلق به من الأجر والتعليم والاستماع والبيع والشراء كلها، بما كان على النحو المتعارف في زمن بني أمية وبني العباس، من دخول الرجل عليهن، وتكلمهن بالأباطيل، ولعبهن الملاهي، من العيدان والقصب وغيرها، دون ما سوى ذلك من أنواعه، كما يشعر به قوله " ليست بالتي يدخل عليها الرجال " إلى أن قال:
وعلى هذا فلا بأس بسماع التغني بالأشعار المتضمنة لذكر الجنة والنار، و التشويق إلى دار القرار، ووصف نعم الملك الجبار، وذكر العبادات والترغيب في الخيرات والزهد في الفانيات ونحو ذلك، كما أشير إليه في حديث الفقيه بقوله " فذكرتك الجنة " وذلك لأن هذا كله ذكر الله تعالى، وربما تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله تعالى.
وبالجملة لا يخفى على ذوي الحجى، بعد سماع هذه الأخبار تمييز حق الغناء من باطله وأن أكثر ما يتغنى به المتصوفة في محافلهم من قبيل الباطل انتهى.
وعلى هذا النحو حذى الخراساني في الكفاية.
وفيه: - أولا - أنهم وإن زعموا الجمع بين أخبار المسألة بما ذكروه، إلا أن جل أخبار التحريم، التي قدمناها، لا يقبل لك، فإنها طاهرة، بل بعضها صريح في تحريم الغناء من حيث هو، لا باعتبار انضمام بعض المحرمات، من خارج إليه.
ولا سيما أخبار استماع الغناء وبيع المغنية وشرائها، بالتقريب بالذي قدمناه في ذيل تلك