الأخبار.
وقوله - في رواية المقنع -: شر الأصوات الغناء وقوله - في رواية عبد الله ابن سنان - يرجعون القرآن ترجيح الغناء. وحديث يونس المروي بعدة طرق كما تقدم، وأمثال ذلك مما تقدم. فإنها ما بين صريح وظاهر، في قصر الحكم على الغناء من حيث هو، وكذلك الآيات، فإن قوله عز وجل " واجتنبوا قول الزور " المفسر في تلك الأخبار بالغناء، صريح في المنع من القول المفسر بالغناء من حيث هو.
وثانيا - أنه من القواعد المقررة عن أصحاب العصمة - عليهم السلام - في مقام اختلاف الأخبار، هو العرض على كتاب الله تعالى، والأخذ بما وافقه، وأن ما خالفه يضرب به عرض الحايط، والعرض على مذهب العامة، والأخذ بخلافه.
ولا ريب في أن مقتضى الترجيح بهاتين القاعدتين، المتفق عليهما نصا وفتوى، هو القول بالتحريم مطلقا، وأن ما دل على الجواز يرمي به، لمخالفته لظاهر القرآن، وموافقته للعامة.
هذا فيما كان صريحا في الجواز، وهو أقل قليل في أخبارهم، لا يبلغ قوة المعارضة لما قدمناه من أخبار التحريم.
فأما تمسكهم بأخبار قراءة القرآن بالصوت بالحسن والتحزن، فهو لا يستلزم الغناء، إذ ليس كل صوت حسن أو حزين يسمى غناء، وهذا - بحمد الله سبحانه - ظاهر.
وأما ما يوهمه بعض تلك الأخبار، من التغني بالقرآن، مثل ما نقله في مجمع البيان عن عبد الرحمن بن السائب، قال: قدم علينا سعد بن أبي وقاص، فأتيته مسلما عليه، فقال: مرحبا بابن أخي. بلغني أنك حسن الصوت بالقرآن؟ قلت: نعم والحمد لله. قال: فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: إن القرآن نزل بالحزن، فإذا قرأتموه فابكوا، فإن لم تبكوا فتباكوا وتغنوا به، فإن من لم يتغن بالقرآن فليس منا.