ومداهنتهم انتهى.
وحينئذ فإذا كان هذا القدر من الميل إليهم موجبا لدخول النار فبالطريق الأولى إعانتهم على الظلم ومشاركتهم فيه.
وقد تقدم في مرسلة سهل: أن الرجل يأتي السلطان فيحب بقاءه إلى أن يدخل يده في كيسه فيعطيه (1). وفي باب جمل من مناهي النبي صلى الله عليه وآله وسلم المذكور في الفقيه، قال صلى الله عليه وآله وسلم: من مدح سلطانا جائرا أو تخفف وتضعضع له طمعا فيه، كان قرينه في النار، قال الله عز وجل ولا تركنوا.. الآية (2).
وظاهر الخبرين المذكورين: الدلالة على أن الميل إليه لتحصيل شئ من دنياه وحب بقائه ووجوده لذلك، داخل تحت الآية.
ثم إن الظاهر أن المراد من هذا التشديد والتأكيد في هذه الأخبار الواردة في هذا المقام، مما تقدم ويأتي، إنما هو سلاطين الجور المدعين للإمامة، من الأموية والعباسية ومن حذا حذوهم، كما هو ظاهر من سياقها، ومصرح به في بعضها لا مطلق الظالم والفاسق وإن كان الظلم والفسق محرما مطلقا.
وعلى هذا فلو أحب أحد بقاء حاكم جور من المؤمنين والشيعة، لحبه المؤمنين وحفظه بيضة الدين من الأعداء والمخالفين، فالظاهر أنه غير داخل في الآية، ولا الأخبار المذكورة.
ويعضد ذلك ما رواه في الكافي عن الولد بن صبيح في الصحيح، قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام، فاستقبلني زرارة، خارجا من عنده. فقال لي أبو عبد الله عليه السلام:
يا وليد، أما تعجب من زرارة، سألني عن أعمال هؤلاء، أي شئ كان يريد؟ أيريد أن أقول له: لا، فيروي ذلك علي؟! ثم قال يا وليد، متى كانت الشيعة تسأل عن أعمالهم، إنما كانت الشيعة تقول: يؤكل من طعامهم؟ ويشرب من شرابهم؟ ويستظل