قال في مجمع البيان: تأوله بعضهم بمعنى استغنوا به، وأكثر العلماء على أنه تزيين الصوت وتحزينه. انتهى (1).
قال في الكفاية - بعد نقل ذلك -: وهذا يدل على أن تحسين الصوت بالقرآن والتغني به مستحب عنده، وأن خلاف ذلك لم يكن معروفا بين القدماء انتهى.
أقول: - أولا - إن الخبر المذكور عامي، فلا ينهض حجة. وثانيا: أنه معارض بجملة من الأخبار المتقدمة، الدالة على المنع من قراءة القرآن بالغناء، وإنما يقرؤه بالصوت الحسن على جهة الحزن، ما لم يبلغ حد الغناء، فإنه محرم في قرآن أو غيره.
ومنها: خبر الفقيه الأخير من الأخبار المتقدمة، بناء على كون التفسير الذي في آخره من الخبر، كما فهمه صاحب الوافي.
ورواية العيون المتقدمة، ورواية تفسير علي بن إبراهيم الثانية.
ومنها: رواية عبد الله بن سنان، وهو أصرح صريح في ذلك.
وأما ما ذكره في الكفاية، من حمل الأخبار الدالة على المنع من التغني بالقرآن على قراءة تكون على سبيل اللهو، كما يصنعه الفساق في غنائهم، قال: وتؤيده رواية عبد الله بن سنان المذكورة، فإن في صدر الخبر الأمر بقراءة القرآن بألحان العرب، واللحن هو الغناء، ثم بعد ذلك المنع من القراءة بلحن أهل الفسق، ثم قوله: سيجئ من بعدي أقوام يرجعون القرآن ترجيع الغناء. انتهى. فهو مما لا ينبغي أن يصغى إليه ولا يعرج في مقام التحقيق عليه.
أما أولا، فإن الغناء الممنوع منه في القرآن، على ما يكون على سبيل اللهو، كما يصنعه الفساق في غنائهم، لا محصل له. فإنه إن أراد به القراءة مع مصاحبة آلات اللهو كالعود ونحوه، فإن أحدا لا يصنع ذلك.
وإن أرد قراءة القرآن التي تقع على سبيل اللهو، فإنه لا يعقل له معنى، لأنها إن