وليعلم ثانيا: أن هذه الآية ربما تشير إلى ممنوعية جميع أنحاء الخدع، وأن مخادعة الله مذمومة بأقسامها، ومنها الرياء، فإن المرائي يتشكل بشكل العابد إلا أنه يعبد الشيطان، وهو له قرين، والخدعة ليست إلا ذلك حسب ما عرفت منا في توضيحها، ولا يكون المرائي إلا مبطنا شره ومظهرا خيره وهكذا.
وإلى هذه اللطيفة تشير رواية شريفة، على ما رواه الصدوق بإسناده المعتبر عن مسعدة بن زياد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه (عليهم السلام):
" سئل فيما النجاة غدا؟ فقال: إنما النجاة في أن لا تخادعوا الله فيخدعكم، فإنه من يخادع الله يخدعه، ويخلع الله عنه الإيمان، ونفسه يخدع لو يشعر. فقيل له: كيف يخادع الله؟ فقال: يعمل بما أمر الله عز وجل به، ثم يريد به غيره، فاتقوا الله والرياء، فإنه شرك بالله عز وجل، إن المرائي يدعى يوم القيامة بأربعة أسماء: يا كافر، يا فاجر، يا غادر، يا خاسر، حبط عملك، وبطل أجرك، ولا خلاق لك اليوم، فالتمس أجرك ممن كنت تعمل له " (1).
فيا أيها الإنسان الكريم، ويا أيها المؤمن المسافر إلى رحمة الله وبركاته: ما ألهاك عن الله العزيز؟! وما أشغلك عن ربك الرؤف الرحيم؟!
حتى تصبح من الغادرين المحتالين، وتعمل لغير الله، مع أن الأمر كله بيده في هذه النشأة وسائر العوالم والنشات فكأنك تظن في ريائك مأدبة في الدنيا ومكانة فيها ترى أن في جلب قلوب - الناس وأفئدة الخلائق معيشة مرضية لك مقضية، كلا ثم كلا. أزمة الأمور طرا بيده والكل مستمد