يقطع دابر المنازعة. ثم إنه ذكر أن الذي يظهر لي من تتبع رواياتهم (صلوات الله عليهم) أن المتبادر من الحائض والنفساء في كلامهم ذات حدث الحيض وذات حدث النفاس لا ذات الدم، وهذا من باب إرادة ما يعم المعنى اللغوي وما في حكمه شرعا.
ثم استدل بجملة من الأخبار على ذلك.
وإن جعل محل النزاع ما هو أخص - كما صرح به المحقق التفتازاني واقتفاه جماعة فيه - فما نحن فيه ليس من موضع النزاع في شئ، فإن المراد بالمشتق في القاعدة المذكورة هو ما جرى على ما اشتق منه في إرادة الحدوث والتجدد لا ما خرج عنه بإرادة معنى الدوام أو ذي كذا أو غير ذلك من المعاني، ألا ترى أن الصفة المشبهة بالفعل وافعل التفضيل واسم الزمان والمكان حيث لم تجر عليه في ذلك لم تصدق إلا على من هو متصف به حالة الاطلاق، وإلا لزم اطلاق حسن الوجه على قبيحة وبالعكس - باعتبار ما كان - اطلاقا على جهة الحقيقة، وكذلك ما كان من صيغ اسم الفاعل مسلوكا به مسلك الصفة المشبهة ونحوها في عدم إرادة الحدوث، سواء أريد منه الدوام والاستمرار كالخالق والرازق من أسمائه، أو ذي كدا مجردا كالرضيع. والمؤمن والكافر والحائض أو مع الكثرة كاللابن والتامر. والظاهر أن لفظ (المثمرة) بمعنى ذات الثمرة، من أثمرت النخلة إذا صار فيها الثمر، كأتمرت إذا صار فيها التمر، وأطعمت أي صار فيها ما يطعم. ويرشد إلى ما قلنا تعليق عدم الاشتراط على صفة الاشتقاق في قولهم:
المشتق لا يشترط في صدقه بقاء مأخذ الاشتقاق. والتعليق على الوصف يشعر بالعلية والمعنى أن المشتق من حيث كونه مشتقا لا يشترط... الخ، وما نحن فيه لم يبق على حيثية الاشتقاق بل سلك به مسلك الجوامد ولم يجر مجرى ما اشتق منه.
و (ثالثا) - استفاضة الأخبار عنهم (صلوات الله عليهم) بأن مورد النهي في هذا المقام الشجرة المثمرة بالفعل.