وناقش جملة من المتأخرين: منهم - السيد في المدارك في وجوب المسح على الجبيرة قائلا بأنه لولا الاجماع على وجوب مسح الجبيرة لأمكن القول بالاستحباب والاكتفاء بغسل ما حولها، واحتج على ذلك بصحيحة عبد الرحمان بن الحجاج.
وأنت خبير بأن المراد من قوله (عليه السلام) في الصحيحة المشار إليها: " ويدع ما سوى ذلك مما لا يستطيع غسله " يعني يدع غسل ما لا يستطيع غسله من الجبائر، كما يدل عليه أيضا قوله أخيرا: " ولا ينزع الجبائر ولا يعبث بجراحته " وليس فيها نفي أو نهي عن المسح بل هي مطلقة بالنسبة إليه، ولا ضرر فيه، لاستفادة الحكم من تلك الأخبار المذكورة مؤيدا بدعوى الاجماع في المسألة، فيكون اطلاق هذه الرواية مقيدا بتلك الروايات فلا منافاة، وأما ما عدا هذه الرواية مما دل على غسل ما حول الجرح فالظاهر منه أن الجرح خال من الجبيرة، كما هو ظاهر الشهيد في الدروس، فإنه بعد أن ذكر التفصيل في الجبائر وما في حكمها قال: " والمجروح يغسل ما حوله " وصريحه في الذكرى. وبالجملة فالرواية التي استند إليها فيما ذكره لا تنهض حجة في ذلك. نعم ربما كان ظاهرا من كلام الصدوق في الفقيه هنا التخيير بين المسح على الجبيرة والاكتفاء بغسل ما حولها، حيث قال (١): " ومن كان به في المواضع التي يجب عليها الوضوء قرحة أو جراحة أو دماميل ولم يؤذن حلها فليحلها وليغسلها، وإن أضر به حلها فليمسح يده على الجبائر والقروح ولا يحلها ولا يعبث بجراحته، وقد روى في الجبائر عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: يغسل ما حولها " انتهى، وهذا بعينه ما ذكره في كتاب فقه الرضا حيث قال ﴿عليه السلام﴾ (2): " إن كان بك في المواضع التي يجب عليها الوضوء قرحة أو دماميل ولم تؤذك حلها واغسلها، وإن أضرك حلها فامسح يدك على الجبائر والقروح ولا تحلها ولا تعبث بجراحك، وقد نروي في الجبائر عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: يغسل ما حولها ".