الكعب في ظهر القدم، والمتبادر من ذلك - كما عرفت - هو ما ظهر في وسطه الطولي المعبر عنه فيما تقدم من كلامهم بالناتي في وسط القدم والناتئ في ظهر القدم أي ما كان نتوه ظاهرا محسوسا.
وأما القائلون بالقول الآخر فتأولوا كونه في الظهر بمعنى كونه واقعا فيه وإن كان في منتهاه وخفي على الحس.
قال في الوافي - بعد نقل أول هذين الخبرين - ما لفظه: (ووصف الكعب في ظهر القدم لا ينافي كونه المفصل، لأنه في ظهرها ومنتهاها. وإنما قال ذلك ردا على المخالفين حيث جعلوهما في طرفي القدم وجانبيها " انتهى.
وقال شيخنا البهائي: " على أن قول ميسر - في الحديث الثالث: أن الباقر وصف الكعب في ظهر القدم - يعطي أن الإمام (عليه السلام) ذكر للكعب أوصافا ليعرفه الراوي بها، ولو كان الكعب هذا الارتفاع المحسوس المشاهد لم يحتج إلى الوصف بل كان ينبغي أن يقول: هو ذا، وقس عليه قوله (عليه السلام) في الحديث الأول:
" ههنا " بالإشارة إلى مكانه دون الإشارة إليه " انتهى.
أقول: قد قال في رواية ميسر الثانية " هو هذا " فإن كان ذلك يكفي في الدلالة على المعنى المشهور فينبغي أن يوافق عليه شيخنا المذكور.
وبالجملة لما كان الكعب يطلق على كل من المعنيين المذكورين فحمل الروايات جملة على أحدهما دون الآخر يحتاج إلى دلالة بينة واضحة وقرينة مفصحة راجحة، وقد عرفت أن الاحتمالات قائمة من الطرفين ومتصادمة من الجانبين وإن ادعى كل من القائلين رجحان ما ذهب إليه وقوة ما اعتمد عليه، إلا أن الحق أن ذلك مما يدخل تلك الأخبار في حيز المشتبهات ويوجب العمل بالاحتياط في المسألة.
ويقوى عندي ما ذهب إليه بعض الفضلاء من متأخري المتأخرين في هذا المقام وإن كان خلاف ما عليه جملة من متأخري علمائنا الأعلام، حيث قال بعد نقل جملة من كلام القوم