طرفي ذينك العظمين مما يلي الساق حد المفصل والساق لأن عظم الساق متصل بهما، فأطلق عليهما المفصل من جهة كونهما حدا له وبداية لحصوله، فيكون تعريفهما بالمفصل باعتبار نهايتهما، وغاية الأمر أن ذلك على طريق التجوز لعلاقة المجاورة، وليس في كلامه ما ينفي إرادة المعنى المشهور بوجه من الوجوه، بل مقتضى نقله اتفاق علمائنا أجمع عليه أنه لا يحتمل إرادة غيره، وبسبب أنه مخالف لظاهر الرواية كما ذكرنا نبه عليه بأنه اشتباه على غير المحصل وأن المحصل يعرف أن المراد بالكعبين هو المفصل باعتبار كونه حدا ونهاية لهما وذلك أطلق عليهما، وربما كانت الحكمة في هذا الاطلاق من الإمام (عليه السلام) إرادة ايصال المسح إلى نهاية الكعب، ولا يليق حمل كلام العلامة على ما فهموه منه، لأنه يلزم من ذلك مناقضة أول كلامه لآخره والخروج عن نقل الاجماع عليه وعدم فهمه المعنى الظاهر من عبارات الأصحاب، وذلك لا ينسب لأدون الناس وأبلدهم فضلا عن مثل جلالة قدر العلامة (رحمه الله) ومما يؤكد ذلك أن المحقق في المعتبر استدل على كون الكعبين هما العظمان الناتيان بهذه الرواية، فلولا أن المراد بالمفصل ما أشرنا إليه لم يتجه له الاستدلال بها على ذلك " انتهى كلامه زيد مقامه، وإنما نقلناه بطوله ليظهر لك حسنه وجودة محصوله.
وأقول: ربما يتسارع الناظر - لألفة ذهنه بما زعمه القوم في هذه المسألة من التحقيق - إلى إنكار ما ذكره هذا الفاضل من التلفيق، وعند التأمل الصادق يجده أقرب مما ذكره شيخنا البهائي (قدس سره) فإنه (طاب ثراه) وإن دقق النظر في المقام وأيده بكلام أولئك الأقوام، كما هو مقتضى فهمه الثاقب ونظره الصائب في استجلاء أبكار الأحكام، إلا أن حمل هذه العبارات من العلامة وغيره من الأصحاب على ما ذكره من هذا المعنى الخفي - كحمل النتو على النتو في بطن الظهر وإن لم يظهر للحس، والتوسط على التوسط العرضي في آخر القدم، وحمل معقد الشراك على كونه في المفصل مع أن كل أحد يعلم أنه قدام المفصل، مع عدم الإشارة إلى شئ من ذلك في تلك