بل توضأ وبنى - على ما يقوله أصحاب أبي حنيفة - فإن ذمته ما برئت بيقين، وإذا أعاد فقد تيقن براءة ذمته، فوجب الإعادة.
وأيضا ما روي عنه عليه السلام من قوله: " إن الشيطان يأتي أحدكم وهو في الصلاة فينفخ بين أليتيه، فلا ينصرف حتى يسمع صوتا، أو يجد ريحا " (1) وهذا الحدث الذي كلامنا (2) فيه قد سمع الصوت، ووجد الريح، فيجب انصرافه عن الصلاة.
فإن قالوا: نحن إذا أوجبنا عليه أن ينصرف من الصلاة ليتوضأ، ثم يبني على ما فعله، فقد قلنا بموجب الخبر.
قلنا: الخبر يقتضي انصرافه عن الصلاة، وأنتم تقولون: ما انصرف عنها بل هو فيها وإن تشاغل بالوضوء.
وأيضا فقد روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: " لا صلاة إلا بطهور " (3) ومن سبقه الحدث فلا طهور له، فوجب ألا يكون في الصلاة وأن يخرج بعدم الطهور عنها.
وأيضا ما رواه أبو داود باسناده عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: " إذا فسا أحدكم في الصلاة فلينصرف، وليتوضأ، وليعد صلاته (4).
فإن قالوا: نحمل ذلك على العمد أو على الاستحباب.
قلنا: ظاهر الخبر يتناول العمد وغير العمد، ولا يجوز أن نخصه إلا بدليل، وظاهر الأمر الوجوب، ولا نحمله على الاستحباب إلا بدليل.
.