الدار المغصوبة لا تجزئ، وإلى ذلك ذهب أبو علي، وأبو هاشم (1)، ومن عداهما من المحققين المدققين (2).
وقال سائر الفقهاء: إن الصلاة في الدار المغصوبة والثوب المغصوب مجزئة (3).
الدليل على صحة ما ذهبنا إليه الاجماع المقدم ذكره، وأيضا فإن من شرط الصلاة أن تكون طاعة وقربة ولا خلاف في هذه الجملة، وكونها مؤداة في الدار المغصوبة يمنع من ذلك، ألا ترى أن عاقلا لا يجوز أن يتقرب إلى الله تعالى بما يعلمه قبيحا ومعصية؟!
وأيضا فإن من شرط الصلاة، أن ينوي بها إذا كانت واجبة أداء الواجب، وكونها في الدار المغصوبة يقدح في النية ويمنع منها.
ولا شبهة في أن الصلاة في الدار المغصوبة قبيحة ومعصية، ومن يظن من الفقهاء خلاف ذلك ويعتقد أنها طاعة ويزعم أن فعله لها منفصل من الغصب له، فقد فحش خطاؤه، لأن العقل دال على قبح تصرف الغاصب في الدار، لأنه ظلم، ويجري تصرفه في الدار مجرى تصرفه في المال المغصوب، وصلاته في الدار ليس سوى تصرفه فيها. ألا ترى أن قيامه وقعوده وركوعه وسجوده يمنع صاحب الدار من تصرفه فيها، فقد صار من جملة الغصب هذا التصرف. ولا فرق بين أن يقوم في الدار ويقعد بغير إذن مالكها، وبين أن يجعل فيها متاعا، فلو كان قعوده ليس بغصب لكان شغل الدار بالمتاع ليس بغصب.
.