أخذ أمواله وضياعه، وقتل أولاده وأهله، كان لياذهم به وانضواؤهم إليه و اجتماعهم والتفافهم به أعظم وأعظم، لأن الطبيعة البشرية تدعو إلى ذلك على سبيل الإيجاب الاضطراري، ولا يستطيع الإنسان منه امتناعا (1).
39 - ونقل - أيضا - عن أستاذه أبي جعفر النقيب بعد كلام طويل له: (وأما علي عليه السلام فقتل بالكوفة بعد أن شرب نقيع الحنظل وتمنى الموت، ولو تأخر قتل ابن ملجم له لمات أسفا وكمدا، ثم قتل ابناه بالسم والسيف، وقتل بنوه الباقون مع أخيهم بالطف، وحملت نساؤهم على الأقتاب سبايا إلى الشام، ولقيت ذريتهم وأخلافهم بعد ذلك من القتل والصلب والتشريد في البلاد والهوان و الحبس والضرب ما لا يحيط الوصف بكنهه - الخ (2).
40 - ونقل عنه - أيضا - قال: (واعلم أن كل دم أراقه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بسيف علي عليه السلام وبسيف غيره فإن العرب بعد وفاته عليه السلام عصبت تلك الدماء بعلي بن أبي طالب عليه السلام وحده، لأنه لم يكن في رهطه من يستحق في شرعهم وسنتهم و عادتهم أن يعصب به تلك الدماء إلا بعلي وحده، وهذه عادة العرب إذا قتل منها قتلى طالبت بتلك الدماء القاتل فإن مات أو تعذرت عليها مطالبته طالبت بها أمثل الناس من أهله....
فقلت له: إني لأعجب من علي عليه السلام كيف بقي تلك المدة الطويلة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. وكيف ما اغتيل وفتك في جوف منزله مع تلظي الأكباد عليه؟
فقال: لولا أنه أرغم أنفه بالتراب ووضع خده في حضيض الأرض لقتل، ولكنه أخمل نفسه، واشتغل بالعبادة والصلاة والنظر في القرآن، وخرج عن ذلك الزي الأول، وذلك الشعار ونسي السيف، وصار كالفاتك يتوب ويصير سائحا في