أكرم خلقه بمنه وفضله العظيم بسابق علمه ولطفه بعد أخذه العهد والميثاق على أنبيائه وعباده بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم بقوله: لتؤمنن به ولتنصرنه (1) ولما فتح الله أبواب السعادة الكبرى والهداية العظمى برسالة حبيبه على العرب وقريش وخصوصا على بني هاشم بقوله تعالى: وأنذر عشيرتك الأقربين (2) ورهطك المخلصين اقتضى العقل أن يكون العالم بجميع أسرار كتاب الله لابد أن يكون رجلا من بني هاشم بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأنه أقرب به من سائر قريش، وأن يكون إسلامه أولا ليكون واقفا على أسرار الرسالة وبدء الوحي، وأن يكون جميع الأوقات عنده بحسن المتابعة ليكون خبيرا عن جميع أعماله وأقواله، وأن يكون من طفوليته منزها عن أعمال الجاهلية ليكون متخلفا بأخلاقه ومؤدبا بآدابه ونظيرا بالرشيد من أولاده، فلم يوجد هذه الشروط لأحد إلا في علي عليه السلام. وأما عبد الله بن سلام لم يسلم إلا بعد الهجرة، فلم يعرف سبب نزول السور التي نزلت قبل الهجرة، ولما كان حاله هذا لم يعرف حق تأويلها بعد إسلامه، مع أن سمان الفارسي الذي صرف عمره الطويل ثلاث مائة وخمسين سنة في تعلم أسرار الإنجيل والتوراة و الزبور وكتب الأنبياء السابقين والقرآن لم يكن من عنده علم الكتاب لفقده الشروط المذكورة، فكيف يكون من عنده علم الكتاب ابن سلام الذي لم يقرأ الإنجيل، ولم يوجد فيه الشروط، ولم يصدر منه مثل ما صدر من علي يعسوب الدين من الأسرار والحقائق في الخطبات، مثل قوله: (سلوني قبل أن تفقدوني، فإن بين جنبي علوما كالبحار الزواخر)، ومثل ما صدر من أولاده الأئمة الهداة - عليهم سلام الله وبركاته - من المعارف والحكم في تأويلات كتاب الله وأسراره (3).
12 - قال القرطبي في تفسيره: (قال عبد الله بن عطاء: قلت لأبي جعفر بن علي بن