أمري ما استدبرت لفعلت كما أمرتكم ولكني سقت الهدى وليس لسايق الهدى أن يحل حتى يبلغ الهدى محله فقام إليه سراقة بن مالك بن جشعم الكناني فقال يا رسول الله علمنا ديننا فكأنا خلقنا اليوم أرأيت هذا الذي أمرتنا به لعامنا أم لكل عام؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا بل للأبد، وان رجلا قام فقال يا رسول الله نخرج حجابا ورؤوسنا تقطر من النساء؟ فقال له رسول الله إنك لن تؤمن بها ابدا 3 - حدثنا أبي ومحمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رض) قالا حدثنا سعد بن عبد الله عن القاسم بن محمد الأصبهاني عن سليمان بن داود المنقري عن فضيل بن عياض قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن اختلاف الناس في الحج فبعضهم يقول: خرج رسول الله صلى الله عليه وآله مهلا بالحج، وقال بعضهم مهلا بالعمرة وقال بعضهم خرج قارنا، وقال بعضهم خرج ينتظر أمر الله عز وجل، فقال أبو عبد الله عليه السلام علم الله عز وجل أنها حجة لا يحج رسول الله صلى الله عليه وآله بعدها ابدا فجمع الله عز وجل له ذلك كله في سفرة واحدة ليكون جميع ذلك سنة لامته، فلما طاف بالبيت وبالصفا والمروة أمره جبرئيل عليه السلام أن يجعلها عمرة إلا من كان معه هدي فهو محبوس على هديه لا يحل لقوله عز وجل (حتى يبلغ الهدي محله) فجمعت له العمرة والحج وكان خرج على خروج العرب الأول، لان العرب كانت لا تعرف إلا الحج وهو في ذلك ينتظر أمر الله تعالى وهو يقول عليه السلام: " الناس على أمر جاهليتهم إلا ما غيره الاسلام " وكانوا لا يرون العمرة في أشهر الحج فشق على أصحابه حين قال اجعلوها عمرة لأنهم كانوا لا يعرفون العمرة في أشهر الحج، وهذا الكلام من رسول الله صلى الله عليه وآله إنما كان في الوقت الذي أمرهم فيه بفسخ الحج فقال دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة وشبك بين أصابعه - يعني في أشهر الحج - قلت أفيعتد بشئ من أمر الجاهلية؟ فقال إن أهلك الجاهلية ضيعوا كل شئ من دون إبراهيم عليه السلام إلا الختان والتزويج والحج فإنهم تمسكوا بها ولم يضيعوها.
(٤١٤)