الثالث: قولهم في تعريف الحدث: بأنه الحالة الحاصلة عند عروض أحد أسبابه، الدال على أن الحدث مسبب عن سبب، ولولا أن الطهارة أصل لم يكن كذلك.
لا يقال (1): إن الطهارة أيضا مسبب عن سبب، كالوضوء والغسل.
قلنا: إنهم ذكروا في نيتهما رفع الحدث، ومنه يعلم أنه رفع مانع، وإنما الطهارة شئ أصلي عرضه عارض فيرتفع، فيعود المكلف إلى ما كان عليه من عدم المانع.
الرابع: الإجماع على عدم لزوم الغسل إلا بعد أسباب خاصة، ولا ريب أن الشخص قبل عروضها متطهر، فكذا الحدث الأصغر، غايته أن الإنسان عادة لا ينفك عن عروض أحد الأحداث الصغريات، فلو فرض تولد شخص وعدم صدور حدث أصغر عنه إلى أن يبلغ لم يجب في صلاته وضوء - كالغسل بلا جنابة - وهذا لا بعد فيه، فمتى لم يعلم كون الصادر حدثا حكمنا بأصالة الطهارة.
وهذه الأدلة أيضا تشمل الصور، إلا في صورة سبق العلم بالحدث فيجئ الاستصحاب، إلا أن يمنعه مانع من معارض أو غيره.
الخامس: الأدلة الدالة على كون الوضوء والغسل مقيدين بأسباب خاصة، كالبول والجنابة ونحوهما، الدالة بمفهومها على عدم الوجوب بدون حصول هذه الأسباب، ومتى ما لم يجب ذلك علم أنه متطهر، فما لم يرد دليل فيه على كونه سببا لأحدهما لا يجب فيه ذلك، وهو الطهارة شرعا.
السادس: إطلاق الأدلة الدالة على جواز الصلاة والأمر بدخول المساجد وقراءة القرآن وغير ذلك، غاية ما دل الدليل على المنع عن ذلك للمحدث حتى يتطهر، والمشكوك فيه داخل تحت الاطلاقات.
السابع: أنا نفرض الشبهة الحكمية بعد طهارة متيقنة، فإذا ورد عليها فلا ريب أن الأصل بقاء الطهارة فلا ينتقض، للاستصحاب، وكل ما لم ينقض الطهارة