ويمكن الكلام فيه من وجوه:
أحدها: أن الفرد الغالب والشائع هو الدم من ذي النفس، وما عداه نادر، فإطلاق ذلك ينصرف إلى الفرد المتبادر، على قاعدة المطلقات.
وثانيها: أنه وارد في مقام بيان حكم آخر، وهو حكم سؤر الطيور، لا لبيان نجاسة كل دم حتى يدل على نجاسة كل دم مشكوك.
وثالثها: أن الباز والصقر والعقاب - غالبا - لما كانوا يأكلون الحيوان الذي له نفس سائلة، فالدم الموجود في منقارها يعلم - غالبا - أنه دم ذي النفس، والأطلاق ينصرف إلى الغالب المعلوم، ولا يشمل ما هو المشكوك.
وقد يجاب عن الأول: بمنع الغلبة، وبكونها غلبة وجود، والندرة الموجبة للتشكيك إنما هو ندرة الإطلاق دون الوجود، وبأن الحكمة قاضية هنا بالعموم، إذ ليس هنا فرد معهود، والفرد الغير المعين لا وجه لتعليق الحكم عليه، فينبغي أن يراد الطبيعة السارية في جميع الأفراد.
وعن الثاني: بأنه وارد في بيان نجاسة الملاقي للدم من الماء القليل، وهو يستلزم كون الدم بما هو دم نجسا، إلا ما قام الدليل على خروجه.
وعن الثالث: بأنه لو كانت الغلبة صارفة لكان ينبغي إرادة خصوص دم الجيفة، لأنه الغالب، فيكون مفهوم الرواية: أنه لو لم يكن دم جيفة يتوضأ منه ويشرب، ولا تدل الرواية على تنجسه بسائر الدماء السائلة غير الجيفة. والتمسك في التعميم إلى الإجماع أو دليل آخر خروج عن الفرض، إذ الكلام في الاستدلال بالرواية، ومتى ما تعديت إلى مطلق الدم السائل فقد أسقطت اعتبار الغلبة الصارفة، فلا دليل على تخصيصه بالسائل، فينبغي التعميم. مضافا إلى أن لفظ الباز والصقر إنما هو في السؤال، والجواب إنما هو عن عموم الطيور، فلا وجه لجعل ذلك قرينة لذلك.
الثالث: صحيحة ابن أبي يعفور: الرجل يكون في ثوبه نقط الدم لا يعلم به، ثم