اللفظ، لكن يجئ الأشكال لو علم قصد الموصي بها أمرا معينا عنده مشتبه عندنا، فإن هذه الصورة أيضا داخلة تحت النص والفتوى - وفي أمارات الخنثى ونحوه، والعمل بالإقرار وغيره من المثبتات شرعا، ولا يخفى انتشارها في أبواب الفقه لمن له أدنى تتبع وممارسة.
وهذا القسم أيضا خارج عن مورد القرعة، إذ مع وجود الدليل على الأخذ بأحد الجوانب يخرج الموضوع عن حيز الأشكال ويدخل في الواضحات.
ووجه تقديم ذلك كله على القرعة كون أدلتها أخص من دليل القرعة مطلقا، فتقدم عليه (1) على القاعدة، وغير ذلك من الوجوه الأخر - التي ذكرناها في وجه تقديم البراءة على القرعة في شبهة الحكم، وغيرها من الأصول - (2) آتية في هذه المقامات لا نطيل بها، وإنما (3) الغرض التنبيه للفقيه النبيه.
وثالثها: ما لم يكن فيه دليل قائم على ذلك حتى يتضح به الأمر، سواء لم يرد في أصل الشرع فيه ترجيح وبيان، أو ورد من الشرع علائم وأمارات ومثبتات، ولكن فقدت في الواقعة الخاصة، والمفروض تعلق الغرض بهذا الموضوع (4) المبحوث عنه بحيث يلزم من عدم امتيازه اختلال النظام والهرج والمرج، وينجر بقاؤه في الجهالة إلى تعطيل الأحكام وإثارة الفتنة والفساد المطلوب حسم مادتها في الشريعة، بل ليس المقصود منها في نحو المقام إلا ذلك. فهذا هو (الأمر المشكل) الذي يتبع فيه القرعة ويعمل بها حتى يتبين الحق ويدحض الباطل ويصل كل ذي حق (5) إلى حقه على ما في علم الله تبارك وتعالى.
وجعل هذه الطريقة لطف عظيم حاسم لمادة الجدال والنزاع من أصله، إذ لا يرد في ذلك شئ، ولا يمكن أن يتكلم فيه متكلم، لاستلزام الرد في هذا المقام