المتلقاة من طريقة أهل اللسان مشتبه حتى نحتاج فيه إلى إعمال القرعة، ولو فرض فيه أيضا إجمال مطلق لا يمكن كشفه بأحد من الطرق فالمرجع فيه أيضا الأصول الحكمية الجارية بالنسبة إلى الأحكام المتعلقة بها: من اشتغال أو براءة أو استصحاب أو غير ذلك، وقد حققنا ذلك في ضابطة من ضوابط تبعية الأحكام للأسماء، فراجع (1) وتدبر.
وأما شبهة الموضوع الصرف: فلا ريب أنه يتصور لها صور:
أحدها: ما يكون من مجاري أصل من الأصول الشرعية من: أصالة الإباحة أو البراءة أو الاستصحاب أو نحو ذلك - كما ذكره الأصوليون في مباحث أصل البراءة وغيرها، ودلت عليه الروايات في ذلك الباب - فلا كلام في خروجه أيضا عن (الأمر المشتبه) نظير ما قررناه في شبهة الحكم الشرعي.
ومن ذلك يظهر عدم جريان الحكم بالقرعة في الشبهة المحصورة، لبناء الحكم فيها على قاعدة الاشتغال على ما نختاره، أو على البراءة كما عليه آخرون، وكذلك في غير المحصورة للبناء فيه على البراءة [مطلقا] (2). ولا يرد علينا نقض في هذا المقام من حيث الفتوى والنص غالبا، إذ الموارد التي ذكرناها ليس فيها حكم بالقرعة في كلمة الأصحاب ولا في الأخبار في موضع يجري فيه الأصل.
والذي يرد علينا في ذلك شئ من جهة النص أو الفتوى هو (3) صحيحة محمد ابن عيسى في التهذيب - المتقدمة (4) - حيث دلت على إعمال القرعة في شاة موطوءة مشتبهة في قطيع، فإن مقتضى القواعد أن يقال: إن كانت القطيع غير محصورة عادة عدم التجنب مطلقا - كما في نظائره - وإن كانت محصورة يجب الاجتناب - كما في سائر الشبه المحصورة - فما معنى القرعة؟