صحيحة ابن مسلم في الوصية بعتق ثلث المماليك (1). ورواية سيابة وإبراهيم بن عمر فيمن قال: أول مملوك أملكه فهو حر، فورث ثلاثة (2). ونحوه صحيحة الحلبي (3). وإن أمكن المناقشة في الأول بأنه على الاستحباب، إذ لا إشكال في الثلث، لأنه متواط قاض بالتخيير.
فإن قلت: ظاهر ما ورد في الأخبار أنه: (ما من قوم فوضوا أمرهم إلى الله ثم أقرعوا إلا خرج سهم المحق) (4) كون ذلك معينا في الواقع، إذ لا يصدق المحق إلا بذلك.
قلت أولا: إن المحق من اختاره الله لذلك وجعل الحق له، وذلك يوجد في المشتبه واقعا، كما في المتزاحمين في مباح ونظائره، ويكون معنى المحق هنا:
أولويته في الواقع على هذا الأمر، والكاشف عن هذه الأولوية خروج القرعة واستحالة الترجيح بلا مرجح على الله تعالى - كاستحالة ترجيح المرجوح - فيكون تزاحم الاخر أو توقعه ذلك باطلا، وهذا كاف في المقام.
وثانيا: إن هذا ليس دالا على أن كل مورد القرعة كذلك حتى يكون مخصصا، بل معناه: أن ما هو كذلك يعلم بالقرعة، ولا يلزم من ذلك عدم إعمالها في غير ذلك، فيبقى عموم ما دل على العمل بها في كل مشتبه سليما عن المعارض.
ومن هنا ظهر: أن القرعة كما تكون كاشفة تكون مثبتة. ويحتملهما رواية ابن حكيم، حيث قال: إن القرعة تخطئ وتصيب؟ فقال عليه السلام: كل ما حكم الله به فليس بمخطئ (5).
والمراد على الكشف أن (ما حكم الله به مبين للواقع قطعا ولا يكون مخالفا للواقع) وعلى الأثبات يكون معناه (ما حكم الله به فهو الصواب) فيكون جعلا