يشتبه فيه نفس الحكم الشرعي ولا مخرج له من الشرع معتبر حتى يعتمد عليه - وذلك واضح - فلا وجه لأعمال القرعة في ذلك، لأنه ليس بمشكل، فلا تذهل.
ومن هنا قال الشهيد في القواعد: ولا يستعمل في الفتاوى والأحكام المشتبهة إجماعا (1). والسر فيه ما ذكرناه، وليس ذلك تخصيصا لقاعدة القرعة، بل إنما هو اختصاص وعدم شمول من أصله.
لا يقال: أي فرق بين أدلة أصل البراءة المعلقة للحكم بالبراءة على كون الشئ مجهولا أو مما لا يعلم أو مما لا دليل عليه، وبين أدلة القرعة، بل الحق أنهما من واحد، فكأنه قال: (كل مجهول يبنى فيه على البراءة) و (كل مجهول يعمل فيه بالقرعة) فتقديم دليل البراءة على القرعة حتى يكون ذلك رافعا للأشكال مخرجا للفرض من موضوع مسألة القرعة خال عن الوجه.
لأنا نقول: إن هذا الكلام مندفع من وجوه:
أحدها: أنه على فرض تسليم كون الحكم معلقا على (المجهول) في المقامين أن أدلة البراءة أخص مطلقا من أدلة القرعة، لعمومها للموضوع والحكم وما هو مورد للبراءة وغيره، ومقتضاه تقديم الخاص على العام، فيصير المعنى: كل مشكل فيه القرعة إلا ما يجري فيه البراءة.
ولو فرض ورود هذا الأشكال على دليل القرعة بالنسبة إلى الأدلة والأصول الاخر أيضا - كالاستصحاب وأصالة العدم والاحتياط ونحو ذلك - فيجاب أيضا بذلك، لأن كلا من هذه الأصول المعمولة في موارد الشك والشبهة أخص من عموم دليل القرعة، فلا تذهل.
وثانيها: أن الحكم في دليل أصل البراءة لم يعلق على (المشكل) و (المجهول) و (المشتبه) بل إنما علق بما لم يرد فيه أمر ولا نهي أو بما لا يعلمون ونحو ذلك، وهذا غير معنى الأشكال، فنقول في مورد من موارد شبهة الحكم أنه